خطاب صاحب السمو في العشر الأواخر لم يكن عادياً، لأنه تضمن لغة مختلفة عما درج عليه التقليد في خطب المراحل السابقة، فهو كان لوضع النقاط على الحروف في كل ما يتعلق بالبلاد، ومؤسساتها وأجهزتها كافة، خصوصاً أن سموه حدد ما يمكن أن يكون عليه المستقبل، وفقاً لخريطة طريق واضحة المعالم، تقوم على المتابعة والإرشاد والتوجيه من لدن سموه، وكذلك المحاسبة الصارمة إذا حاد المسؤول عن طريق الاستقامة التنفيذية القانونية.
لهذا أظهر سموه أموراً نُفذت، وأخرى في طور السعي إلى الإنجاز، طالما كانت هناك إرادة وعزيمة وصدق في الممارسة، وإعمال الضمير الوطني.
ولهذا كان سموه واضحاً بالقول: "إن السلبيات مدبرة والإنجازات مقبلة، وعلينا التمهل قليلاً لنجني ثمارها قريباً"، الأولى المشار إليها كلها كانت منظورة أمام الشعب الكويتي، بل هي مطالبه منذ عقود، للخلاص منها، ولقد سمع الحاكم صوت شعبه، فوجه أجهزة الدولة كافة كي تراعي القانون في كل الأمور الداخلة باختصاصاتها، حتى لا يكون هناك أي جور.
على هذا الأساس كانت مطالبة سموه أبناء وطنه بـ"عقد العزم على فتح صفحة جديدة، رائدها إشاعة روح المحبة والتفاؤل والتسامح والتفاهم والبعد عن الممارسات الخاطئة كافة التي تُهدّد الوحدة الوطنية".
لا شك أن استقرار الأوطان وأمانها يبدأان من تخلي المجتمع عما يثير الفرقة، كي تكون "الفترة المقبلة مميزة بالإصلاح والبناء، والنجاحات لصالح الوطن والمواطنين"، كما أمر سموه.
من الإنصاف أن يقابل المواطنون طموحات أميرهم بالعمل على تحقيق كل ما يطمحون إليه، قبل قيادتهم التي تبذل أقصى جهدها لتحقيق الوعود، وهذا لا يمكن أن يكون واقعاً إلا إذا كان هناك جهد جماعي، يقوم على إعلاء المصالح العامة الوطنية فوق أي نزعات شخصية أخرى.
في العقود الماضية كانت لنا تجارب مريرة عديدة، وأيضاً نجاحات، لكن السلبيات غطت عليها، نتيجة الخلط بين الشخصي والعام، فيما اليوم مع المفردات المستخدمة في خطاب صاحب السمو، والتفاؤل الذي يشعر به الكويتيون، يؤكد أننا أمام حاكم مختلف، إذا قال نفذ، ويتابع ويحاسب، ولذا فهو لا يزرع زهوراً خلبية، إنما روائحها تفوح في أرجاء البلاد.
من المهم للمسؤولين كافة التوقف عند ما حدده سمو الأمير، خصوصاً ما يفيد التنمية المستدامة، المحتاجة الى تطوير قطاعات عدة أسماها سموه بكل وضوح، في المشاريع الصحية والتعليمية والإسكانية، ولأن هذا لا يمكن أن يستقيم إلا من خلال قوانين حديثة، فقد وجه سموه الحكومة إلى "الانتهاء من إعداد التشريعات والقوانين التي يتلمّس المواطنون من تطبيقها حرص الحكومة على مصالح الوطن ومصالحهم، وكذلك متابعة تنفيذ الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بهدف تحقيق الشراكة الستراتيجية".
لا يشك أي مواطن مخلص لهذا الوطن أن ما ورد في خطاب العشر الأواخر دل على أمور من الواجب أن تكون في ذهن أي مواطن ومسؤول، أساسها احترام القانون وتطبيقه بحزم، والتصدي لكل محاولات شق الوحدة الوطنية، فهي الركن الأهم لوطن يستحق الانتماء والإخلاص.
نعم، خطاب العشر الأواخر برنامج عمل واضح تضمن توجيهات سامية، خصوصاً أن سموه كان واضحاً بتوجيه الحكومة إلى تحقيق ذلك لأننا "نتطلع إلى وضعها موضع التنفيذ في القريب العاجل"، ولهذا فهو كان خطاب "السلبيات المدْبرة والإنجازات المقبلة".
- أحمد الجارالله
0 تعليق