رغم قناعتي أن تصريح وزير التجارة الأميركي ليس في مكانه، وايضاً ألا يجب أن يؤخذ بخفة، فإننا كمجتمع متحرك، وحر، ولأن المواطن، يتمتع بالحرية نفسها التي يتمتع بها المواطن الاميركي، لذا علينا الا نسمح لاحد بالغمز واللمز، حتى لو كان وزيراً اميركياً، بل لا بد من الرد باللغة التي يفهمها، وعبر وسائل الاعلام الاميركية، قبل المحلية والعربية.
من هنا نضع الأمور في نصابها الصحيح، فلا نشطح، كما شطح الوزير، ولا نبالغ في الحيثيات، فالعلاقات الدولية، فيها الكثير من المد والجز، لكن تبقى التحالفات هي الأساس.
ولانني اكتب بكل حرية ما في خاطري، فقد رأيت في تلميحات هوارد لوتنيك عن الكويت فيها قسوة وجرحاً كبيراً لكرامة كل الكويتيين، فيما سعادته خانته الحصافة، وأساء للعلاقات المتينة بين الشعبين.
أما في ما يتعلق بالأرقام وتكاليف عملية تحرير الكويت، ففي هذا الجانب زعم أمراً غير موجود، فلو كان اطلع من مكتب الحسابات الاميركي، على تقريره لعام 1991 و1992 أن كلفة الحرب كانت 61 مليار دولار، لم تدفع منها الولايات المتحدة سنتاً واحداً، ولم يتحمل دافع الضرائب أي أعباء مالية، فإنه لم يكن ليكلف نفسه هذا العناء.
لذا من فمك ندين مزاعم الوزير، ما يدل على انه لا يقرأ - بصفته "جمهوري مخضرم"- بيانات الإدارات الجمهورية المتعاقبة في هذا الشأن، إلا اذا كان يريد مخاطبة الجمهور الانتخابي الاميركي من أجل البدء في حملة الانتخابات النصفية، رغم انه من المبكر طرحها حاليا.
أما اذا كانت في سياق الحملات الاقتصادية والمالية التي دأبت عليها ترامب في ولايته الثانية، وأدرك الجميع فشلها بدءاً من كندا وغرينلاند، وصولا الى قطاع غزة.
لا أحد يستغرب ان يكون اعضاء الحكومة الاميركية يتصرفون على شاكلة ترامب، الذي نتابع تصريحاته، سواء أعجبتنا او لا، الا أنها تبقى لا حدود لها ولا سقف، قد رأى الجميع تصرفه مع رئيس أوكرانيا في البيت الابيض، ومشكلاته مع كندا الدولة صديقة للولايات المتحدة، التي بدأها بأنه يسعى الى ضمها، ما أدى الى تراشق بالاتهامات، واصبحت العلاقات السياسية والاقتصادية متوترة بين البلدين.
كل هذه شواهد، يمكن البناء عليها في مجالات اخرى، انما يهمنا
هو رأي السفيرة الأميركية لدى الكويت، التي رأت الشعب الكويتي، فهل هو كما قال الوزير، وهل هو لا يعرف الصداقة، وليس له علاقة طيبة مع كثير من الجهات الأميركية، السياسية والتجارية والثقافية؟
أعلق هذا الأمر لان السفيرة كانت قد اعترفت في العام 2020، حين تحدثت صراحة عن تبرع الكويت خلال إعصار "كاترينا" بــ 500 مليون دولار، وقالت بالحرف الواحد انه "اكبر تبرع من نوعه". أليس هذه يدل على اصالة الكويتيين، حكومة وشعباً؟
السفيرة الاميركية في الكويت، تدخل أغلب الدواوين، خصوصا في شهر رمضان، وتسمع حوارات ورأي أهل الكوكيت، فهل سمعت رأي الكويتيين بهذا التصريح، الذي جرح مشاعرهم، بغض النظر عن دقته؟
أياً كان سبب الهجمة المباغتة للوزير الاميركي، علينا ان نكون اكثر حنكة في معالجة هذه الامور، فمنذ بعد تحرير الكويت، اتخذت الكويت سياسة خارجية هادئة، اكثر مما كانت قبل الغزو، وفي السنوات الاخيرة اصبحنا بعيدين عن المحيط الاقليمي، رغم العلاقات الراسخة مع دول "مجلس التعاون" الخليجي، لأننا في مركب واحد، ومصيرنا مشترك، لكن علينا الا نبقى على الهامش، وأن نحافظ على مصالحنا، ونعمل من اجل حمايتها، لانه اذا فُتح هذا الباب، ولم يكن هناك رد واضح يفند كل كلمة تفوه بها الوزير الاميركي، تصبح تلك عادة، وهذا سلوك خطير.
0 تعليق