لدينا عقدة نفسية، وكذلك علمية وفكرية، اسمها الرأي والرأي الآخر.
نعم هناك احترام للرأي الآخر، وهذا من الرقي الفكري والاجتماعي، إذا كان هذا الرأي في حدود الاختلاف، أي ان هناك نقاطا ومفاهيم أوجدت مساحات تمنح الإنسان تقديم وجهة نظره، بما انها تحتمل وجهات النظر، إذا لا بد من الاختلاف هنا، بما أنها تحتمل الاجتهاد.
البعض لا يميز بين الأمر المحوري أو المسائل الأصولية والثوابت؛ وبين الامور الفرعية أو الأمور المتحركة عقلاً وأيضا شريعة، ونقلاً ويدعيها أنها في حدود الرأي! فهؤلاء انعدم عندهم التمييز بين الأصول، التي لا ينبغي التنازل عنها، وبين ما هو أمر وارد فيه الخطأ والصواب، والاجتهاد في الرأي.
وهذا يكون سببه واحد من أمرين، اما لعدم التربية العلمية والفكرية والاعتقادية الصحيحة السليم، واما لجهل في أصول المعرفة وخصوصا أصول الدين.
لنضرب بعض الأمثال فهي، كما يقال، تظهر وتتضح من الإشكال.
حينما يأتي إنسان ويدعي تطوير الاقتصاد، ويقول أنا لدي حقول من العنب والتمر، وسأجعل منها صروحا اقتصادية، وذلك من خلال بناء مصانع خمر من محصول التمر والعنب، ولها مردود كبير على الدولة والمواطن مثلا!
حينها يقوم أحد الصالحين، ويقول له: ان هذا امر مرفوض، لأنه يخدش أصلا من أصول الإسلام، وهو تحليل ما حرم الله، فحرام الله حرام إلى أن تقوم الساعة، وحلاله حلال إلى ان تقوم الساعة.
حينها يقفز أحد الجهال، او ممن خفيت عليه المعلومة ويقول: هذا رأيه! هنا لا يكون الرأي مقبولا ويجب إقصاؤه وعدم الاكتراث له.
حينها يقفز آخر ويقول: نحن لا نريد الإسلام، هذا الذي يحرمنا من هذا الاقتصاد المهم، والله تعالى يقول: "لكم دينكم ولي دين"، باسم الرأي.
هنا يكون هذا الرجل إما مبتدع أو جاهل معذور، ويجب ان يُعلم، أو أنه يعمل لجهة ما لإقصاء الإسلام، وفي هذه الحالة مثل هذه النوعية من الناس، لا يمكن أن ينظر لهم على انهم من أهل الرأي، لأنه ينسف أصل الأصول، جملة وتفصيلا.
وإذا أصر على ان هذا غير صالح للعصر، سيكون في وضع عقائدي لا يحسد عليه، وليس رفض الرأي كما يتوهم البعض. لذلك من يريد أن يتحدث عن الرأي والرأي الآخر يجب ان يفهم، أولا: أصول الفكرة وثوابتها، وفروعها حتى يميز بين ما هو ثابت لا يمكن ان يتحرك، وبين ما هو فيه الحركة والمجال للاجتهاد.
الغريب حقيقة، ان الاختلاف عند البعض في ثوابت شرعية ولكن حين تقول له "سايس وبيكو" يقول: ان هذه الارض هي الوطن، فحب الوطن محور لا نقاش فيه، رغم ان صنعه وقسمه كل من سايس وبيكو.
مثال آخر وضعي: ليس من الرأي أن أقول: انا أرى أن الإشارة الحمراء تعني أن أسير، والخضراء ان أقف، وهذا رأيي! من يريد ان يخالف كل الأصول المرورية بذلك فهذا جنون، كما هو من يدعي بعدم شرعية جهاد "حماس"، وأهل غزة، فهذا قمة الجنون والانحراف.
اعلامي كويتي
0 تعليق