يا لبنان... إما أبيض وإما أسود

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

آن للبنان أن يخرج من قمقم الأزمة المزمنة التي تسببت بها سياسة "مراعاة الخواطر"، وأن تكون هناك مكاشفة بين المكونات جميعها.

ليس لدولة، مهما ضعفت، أن يحكمها حزب، هو في أفضل الأحوال يشكل 15 في المئة من إحدى الطوائف، وهذا الكلام تثبته الوقائع، لكنه كان يتحكم بجميع ابناء الطائفة بالقمع، او كما يتعارف عليه اللبنانيون بـ"السحسوح"، فهو بذلك يأسر الدولة ككل.

بات من المعروف للكافة، وكذلك لرئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء، ان لا إعمار طالما لا يزال "حزب الله" يسيطر على القرار، مباشرة او مواربة، وليست مسرحيات إطلاق الصواريخ إلا محاولة لاستدراج الحرب مرة جديدة، وهذا للأسف لم يدركه معظم اللبنانيين، بينما حتى رئيس مجلس النواب، الحليف اللصيق لذلك الحزب، غسل يده حين قال، تعليقاً على إطلاق بضعة صواريخ على إسرائيل: "إن لبنان ملتزم بتنفيذ القرار 1701".

لذا على الطبقة السياسية، كما كان يقول المتظاهرون عام 2019 "كلن يعني كلن" أن تدرك أن لا الاتحاد والاوروبي، أو الغرب كله، وكذلك دول الخليج سيدفعون أي فلس طالما بقي ذلك الحزب يستقوي على اللبنانيين بسلاحه، ويطلق الشعارات الفارغة عن هزيمة إسرائيل، وغيرها مما تسبب بكل الدمار والدماء في الحرب الأخيرة، وفقط من أجل تنفيذ أجندة خارجية، أقل ما يقال فيها إنها "حلم ليلة صيف".

على العقلاء في "حزب الله"،(إذا كان هناك) ان يدركوا أن المجانين أصحاب الرؤوس الحامية يعملون على تغيير الديموغرافية اللبنانية، وحتى الجغرافيا، وبالتالي عليهم أن يبذلوا أقصى الجهد من أجل لبننة حزبهم، كما هي الحال كل الأحزاب الأخرى، وأن يعلوا مصلحة بلادهم، فلا يكونون بيدقاً على رقعة شطرنج مصالح الدول كل همها التفاوض بدماء العرب لتحقيق مصالحها، والتصريحات الإيرانية طوال العقود الماضية تدل على ذلك، فيما في لحظة واحدة وحين أتت رسالة الرئيس الاميركي، سريعاً ما غسل طهران يدها من أذرعها في المنطقة كافة، إلا "حزب الله" الذي لا تزال شرذمة فيه "تكبر رأسها".

المضحك إلى حد البكاء تلك السذاجة التي تعاطت معها الحكومة اللبنانية مع "حفلة إطلاق الصواريخ" أول من أمس، وكذلك الحكومة الإسرائيلية، فإذا كانت بيروت تحاول الا "تكسر الجرة" مع "حزب الله"، فإن تل أبيب لديها الإمكانات التقنية التي من خلالها تعرف من أطلق تلك القذائف، إلا أن الطرفين غضا الطرف، فبينما الطبقة السياسية اللبنانية "مغلوبة على امرها"، فإن اسرائيل تسعى من خلال الرد العنيف إلى تثبيت معادلة جديدة على حساب الأبرياء اللبنانيين.

هذا كله جراء تمكن "السلاح غير الشرعي" (كما يقال في بيانات حكومة لبنان، ورئاسة الجمهورية) من السيطرة على القرار، وحتى اليوم لم يدرك لبنان الحقيقة وهي أن المُصدر الأوامر لـ"حزب الله" بات نفوذه محدوداً، بعدما خرجت سورية والعراق من هيمنته، أما اليمن فتكفلت به الولايات المتحدة، وتحالف "حارس الازدهار" الدولي.

في الآونة الاخيرة عمد "حزب الله" للتحرش بسورية، وليس كما يقال كذبا "العشائر"، إذ لا أحد يستطيع إطلاق رصاصة واحدة من دون موافقة الدولة، أي دولة، ورأينا كيف افتعل الاشتباكات التي كان ضحاياها الأبرياء في شرق البلاد وغرب سورية، واستخدام قوة صاروخية كبيرة، فهل هذا يخدم لبنان، أم يزيد أزماته؟

العالم لا يفهم سياسة التردد، أما أبيض وأما أسود، فيما الرمادي يعني الضعف، لذلك على اللبنانيين حزم أمرهم، ويتفكرون بالغاء رحلات محبي لبنان في موسم العيد، جراء إطلاق خمسة صواريخ، ويدركون أن العالم، ودول الخليج المحبة لهم، لن تستمر إلى الأبد تعيد إعمار بلادهم كلما أراد "حزب الله" تنفيذ سياسات خارجية.

حمى الله لبنان من مجانين حزب شيطاني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق