حوارات
يعتقد البعض أنّ اعتناق مبدأ سوء الظنّ أثناء التعامل مع كل الناس يدلّ على حذر وتيقّظ الانسان، ونجاحه في التعامل مع ما يمكن أن يتعرّض له في العالم الخارجيّ.
لكن ما يزيد على حدّه سينقلب الى ضدّه، ومن بعض أسباب وعواقب الإفراط في سوء الظنّ، نذكر ما يلي:
- الأسباب: يتجاوز بعض الأفراد الحدود المنطقيّة في نظراتهم تجاه ما يمكن أن يتعرّضوا له في العالم الخارجي، لا سيما في ميلهم شبه الفطريّ الى إساءة الظّن بالجميع، ويرجع هذا المنظور السلوكيّ السلبيّ الى فساد جوهر المرء المغالي في تشكيكه بالنوايا، وعندما تفسد النيّة، يفسد معها الطبع، وتسوء التصرّفات، ويصعب تكوين علاقة ثقة متبادلة مع العقلاء، وبسبب أنّ بعض مسيء الظنّ فاقدون من الأساس للثقة بأنفسهم، فلا يستطيعون وضع ثقتهم في إنسان آخر، وربما جراء تغلغل عقد النقص والدونية في عقل الفرد المرتاب دائماً، وسعيه بشكل مفرط للتعويض النفسيّ السلبيّ عن شعوره بالنّقص (المبالغة في سوء الظنّ)، ويسبّب التكبر والشعور النرجسي بالفوقيّة (إحساس الشخص بأنّه يتميّز كثيراً عن الآخرين).
تجاوزه حدود المنطق في التشكيك بنوايا عامة الناس، بلا وجود سبب منطقيّ يعوّل عليه، والاستمرار في مجالسة من تعوّدوا إساءة الظنّ بالناس، والشغف بممارسة النميمة والغيبة، وربما بسبب التعرّض في مرحلة الطفولة لتربية أسريّة سلبية على أيادي والدين عُرف عنهم المغالاة في إساءة الظن، والإفراط في الغيرة، والحقد تجاه أقربائهم، أو جيرانهم، أو معارفهم.
- عواقب الإفراط في سوء الظنّ: يؤدّي التطرّف في إساءة الظنّ بكل الناس الى اضطراب العلاقات الاجتماعية، ونزع المودّة المتبادلة من قلوب الناس.
وفي الحديث الشريف: "إيَّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَنافَسُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا".
ومن أسوأ عواقب سوء الظنّ على الإنسان نفور العقلاء والفاضلين والاتقياء منه، فسوء الظّن تظهر علاماته على الوجه، وفي طريقة الكلام، وحركات الجسد، وما ينبعث من مسيء الظّن من كآبة نفسيّة سوداويّة.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@
0 تعليق