هوية ضائعة!

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مراجعات

الإثنين 09/ديسمبر/2024 - 09:25 م 12/9/2024 9:25:04 PM

قبل 51 عامًا، وتحديدًا في 18 ديسمبر 1973، اعتمدت الأمم المتحدة، «العربية» لغة رسمية عالمية، رغم كونها «الأقدم» و«الأم» لجميع اللغات «الحيَّة» و«السامية» التي وُجدت على الأرض، منذ بدء الخليقة.
ورغم ترتيبها الرابع عالميًا، ويتحدث بلسانها أكثر من 300 مليون إنسان، إلا أنها تظل الأوسع انتشارًا.. ولذلك وصفها مستشرقون بأنها «مثل فينوس، ولدت كاملة الجمال، واحتفظت بجمالها وكمالها، مع تعاقب الأزمان وتطاول الخطوب».
«اللغة» هي ثروة إنسانية فريدة، كالبصمة تمامًا، ولم تكن يومًا مجرد كلمات للتواصل والتفاعل فقط.. فهي بمعناها الأشمل والأوسع تُجَسِّدُ حضارةً وثقافةً وفكرًا وتطورًا، كما أنها الطريق المختصرة للإنجاز والإبداع في المحافل الإنسانية كافة.
لكن «العربية» تتميز بخصوصية لا مثيل لها عن باقي الألسن، لأنها تحوي العديد من الأساليب اللغوية والشفهية والمكتوبة، إضافة إلى تنوعها الفني في الشعر والنثر، وكذلك في خطوط الكتابة، مع قدرتها الفائقة على نقل العلوم والمعارف من مختلف اللغات والحضارات، مع إمكانية التحاور بها كلغة.
ورغم تنوع أنماطها ومفاهيمها تبعًا للسياق الذي يتم استخدامها به، إلا أن «لغة الضاد» أصبحت الآن في خطر حقيقي، يُحَتِّم علينا إعادة الاعتبار لها، بعد أن بات الكثيرون يعاملونها باحتقار وازدراء طبقي!
نعتقد أنه لا هوية وطنية، أو فكر وإبداع ووعي من دون لغة، لكن المؤسف أنه حيثما تُوَلِّي وجهك، تجد استخدامًا مُفْرِطًا لكلمات ومسميات «أجنبية»، في اللوحات الإعلانية وأسماء الشوارع والمحال التجارية، تحت وطأة «الموضة» والانجرار وراء الاستغراب، إضافة إلى أشكال «هجينة» مستشرية في المنطوق والمكتوب.
ما وصل إليه الحال، جعلنا نعتقد بأن ثمة رغبة «غير معلنة» لإهمال اللغة العربية والابتعاد عنها، أو استخدامها بما لا يليق بأمومتها من احترام وتقدير ورعاية، سواء أكان باستعمالها، أو توظيفها «ثقافيًا وتعليميًا وإعلاميا».
لقد أصبح تفضيل اللغات الأخرى واقعًا مريرًا خلال العقود الأخيرة، نظرًا لكونها تختص بالعلم والتكنولوجيا والتطور والتخصص.. أما «العربية» فستظل تصارع عثراتها وأزماتها في عقر دارها، وتزداد معاناتها بابتعاد أبنائها وإهمالهم لها!
يمكننا رصد محنة اللغة العربية في مؤسساتنا التعليمية والإعلامية.. وحتى الثقافية، لتعبر بوضوح عن عقولٍ لا تُقَدِّر أو تحترم اللسان العربي، رغم أنها تُجَسِّد انتماءً لهوية حضارية وتاريخية واحدة!
ورغم قناعاتنا بأن تعلم اللغات الأجنبية «فريضة» في «زمن العولمة»، لكن ذلك لا يكون أبدًا ـ مهما كانت المبررات ـ على حساب لغتنا، لأن النتيجة ستكون تخريج أجيالٍ لا تُحْسِنُ «العربية» ولا تُتْقِنُ «الأجنبية» التي لهثت خلفها لسنوات.
لعل أكثر ما يدعو للأسى، هو الابتعاد التدريجي لأبناء «العربية»، وتفاخرهم وانجذابهم للتغريب، مع عجزهم عن مواكبة لغتهم بشكل سليم، واعتبار لغتهم الأم أدنى مرتبة من اللغات الأخرى، التي بات التحدث بها دليلًا على الرقي والتباهي.
نعتقد أن «العربية» الآن أصبحت «غريبة» في أوطانها، منذ أن انتكس العرب، وأصبحوا يعيشون على الهامش.. لا يملكون غذاءهم ودواءهم وسلاحهم، حتى باتوا يستوردون النظريات والأفكار والثقافة مثل البضائع والسلع!!
أخيرًا.. حتى لا نذوب في الأمم الأخرى وتضيع هويتنا، نتساءل بصدق: مَن يتحمل مسؤولية ابتعادنا عن «العربية»، والاستعاضة بلغات أجنبية كبديلٍ عصري، ومَن المسؤول عن إضعافها في مجتمعاتها وبيئتها؟

فصل الخطاب:

يقول «عباس محمود العقاد»: «ستبقى اللغة العربية ما دام لها أنصار يريدون لها البقاء»..

[email protected]

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق