محليات
0

قطر ولبنان
بيروت - قنا
ترتبط دولة قطر والجمهورية اللبنانية بعلاقات تاريخية متينة، شكلت نموذجا مميزا للتعاون العربي الثنائي القائم على الاحترام المتبادل والدعم المتواصل، حيث لم تتوان قطر يوما عن الوقوف إلى جانب لبنان في أزماته ومحنه، سياسيا واقتصاديا وإنسانيا، وخاصة خلال المحطات المصيرية من تاريخه.
وكان للدور القطري بالغ الأثر في دعم الاستقرار في لبنان، من خلال المبادرات الدبلوماسية الهادفة إلى التهدئة والحوار، إضافة إلى المساعدات الإغاثية والتنموية التي أسهمت في تخفيف تداعيات الأزمات التي مر بها البلد.
ويحظى هذا الدعم القطري بتقدير رسمي وشعبي واسع، لا سيما في ظل المواقف الثابتة التي تؤكد التزام قطر بمساندة حق لبنان في تحرير أراضيه من الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عن قضاياه في المحافل الدولية.
ويجمع اللبنانيون من خلال عبارتهم الشهيرة "شكرا قطر" على أهمية الدور القطري في دعم لبنان، الذي أسهم في التخفيف من تداعيات الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية، وكان له أثر فاعل في دعم جهود الإصلاح والبناء.
كما يؤكد اللبنانيون على متانة العلاقات بين البلدين، وأهمية تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة، خاصة من خلال الزيارات المتبادلة بين المسؤولين في كلا البلدين.
وفي هذا السياق، تكتسب الزيارة الرسمية التي يقوم بها فخامة الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون إلى الدوحة أهمية خاصة، كونها تعزز روابط التعاون بين البلدين الشقيقين.
وكانت لدولة قطر إسهامات بارزة في الوقوف إلى جانب لبنان في محطاته السياسية الحرجة، حيث استضافت الدوحة مؤتمر الحوار الوطني اللبناني في مايو عام 2008 بمشاركة قادة القوى السياسية من مختلف الأطياف، الذي توج بإعلان /اتفاق الدوحة/ الذي وضع حدا لأزمة سياسية استمرت 18 شهرا وشهدت بعض فصولها أحداثا دامية.
وقد مهد هذا الاتفاق الطريق لانتخاب ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، في خطوة أسهمت في استعادة الاستقرار السياسي في البلاد آنذاك.
كما وقفت دولة قطر إلى جانب لبنان بهدف حل أزمة الشغور الرئاسي التي بدأت عقب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر عام 2022، واستمرت حتى انتخاب الرئيس جوزاف عون في 9 يناير 2025.
وقد لعبت قطر دورا بارزا في هذا المسار من خلال مشاركتها الفاعلة في أعمال اللجنة الخماسية المعنية بالملف اللبناني، إلى جانب زيارات متكررة قام بها عدد من كبار المسؤولين القطريين إلى بيروت، في إطار مساع دبلوماسية هدفت إلى دعم التوافق بين الأطراف اللبنانية وتيسير عملية انتخاب رئيس الجمهورية.
وسجلت دولة قطر حضورا بارزا في دعم لبنان على مختلف الأصعدة، لا سيما خلال القمة العربية الاقتصادية والتنموية التي عقدت في بيروت عام 2019، حيث شكل حضور حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، ترجمة عملية وراسخة لثوابت السياسة الخارجية القطرية، وتجسيدا للدعم المتواصل الذي تقدمه قطر للبنان وشعبه.
وقد عكس هذا الحضور رفيع المستوى حرص الدوحة على التضامن العربي، ودعم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في لبنان، في ظل تحديات معقدة كانت تمر بها البلاد آنذاك.
كما برزت المواقف الحاسمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان وقطاع غزة، حيث كانت دعوات سموه المتواصلة في جميع المحافل الدولية لوقف العدوان على لبنان بمثابة صوت عال يطالب بالعدالة والإنصاف في مواجهة انتهاكات الاحتلال.
وفي سياق هذه الأحداث، لعبت دولة قطر دورا محوريا في الوساطة من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان والكيان الإسرائيلي، وهو الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 27 نوفمبر الماضي.
كما وقفت دولة قطر إلى جانب لبنان لدعمه اقتصاديا حيث ساهمت بشكل كبير في تعزيز قدرة لبنان على النهوض من آثار الحرب واستعادة استقراره الاقتصادي والاجتماعي، مما يعكس المواقف الثابتة لدولة قطر في الوقوف إلى جانب لبنان في الأوقات العصيبة، وتأكيدا على سياسة قطر الخارجية التي تسعى دائما إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وإرساء أسس التنمية المستدامة في المنطقة.
كما وقفت دولة قطر إلى جانب لبنان خلال العدوان الإسرائيلي الأخير في عام 2024 من خلال تسيير جسر جوي إنساني تضمن دعما طبيا وغذائيا والذي تم من خلاله تسليم أكثر من 150 طنا من المساعدات، بما في ذلك المعدات الطبية والمواد الأساسية.
بالإضافة إلى ذلك، قدمت دولة قطر من خلال صندوق قطر للتنمية مساعدات للبنان، شملت دعم الجيش اللبناني بعد الأزمة الاقتصادية التي بدأت عام 2019، بالإضافة إلى دعم الوقود لمستشفى /كرنتينا/ بما يساعد في استمرار الخدمات الأساسية، وإعادة تأهيل المستشفى نتيجة الأضرار بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020.
وفي ديسمبر عام 2018، تم افتتاح المكتبة الوطنية اللبنانية في بيروت التي مولت دولة قطر مشروع إعادة إحيائها والنهوض بها بمبلغ 25 مليون دولار.
كما وقعت دولة قطر ممثلة بصندوق قطر للتنمية، والجمهورية اللبنانية ممثلة بوزارة التربية والتعليم العالي في يونيو عام 2021 مذكرة تفاهم لتقديم منح دراسية لأربعمئة طالب وطالبة على مدى خمس سنوات لاستكمال تعليمهم في الجامعة الأمريكية في بيروت، وذلك بالتعاون مع مؤسسة /التعليم فوق الجميع/، حيث شملت الطلاب اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين اللاجئين في لبنان.
وفي هذا السياق، نوه النائب اللبناني مارك ضو عضو كتلة التغيير، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، بالعلاقات المميزة بين لبنان ودولة قطر، مشيدا بالدعم القطري للبنان في كل المحطات.
وأشاد ضو بوقوف دولة قطر إلى جانب لبنان وبالدعم المتواصل في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، منوها بالمواقف القطرية الداعمة للبنان في قضاياه وأزماته.
من جهته، شدد عدنان منصور وزير الخارجية اللبناني الأسبق، في تصريح مماثل لـ/قنا/، على أهمية زيارة الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون إلى دولة قطر، خاصة في ظل وقوف دولة قطر إلى جانب لبنان في محطات كثيرة، ومنها دورها في إعادة الإعمار بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 2006 إلى جانب مواقفها الداعمة للبنان.
كما أكد أهمية الزيارة خاصة في ظل الانتهاكات الإسرائيلية للبنان وخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في 27 نوفمبر الماضي، واستمرار احتلال الكيان الإسرائيلي لأجزاء من الأراضي في جنوب لبنان، حيث تشكل الزيارة فرصة لبحث هذه الانتهاكات نظرا للدور القطري الفاعل كوسيط.
ونوه بالدور المحوري الذي تؤديه دولة قطر كوسيط فاعل في سياق العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، مؤكدا على أهمية التواصل المباشر بين لبنان وقطر لإطلاعها على تفاصيل الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية، ومسألة الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة.
كما أعرب عن تطلع لبنان إلى دور قطري فاعل، بالتعاون مع دول صديقة، للمساهمة في جهود إعادة الإعمار بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان في عام 2024.
وأوضح منصور أن زيارة الرئيس اللبناني إلى قطر هي الثالثة له إلى الخارج بعد زيارة السعودية وفرنسا موضحا أن أهمية هذه الزيارة تكمن نظرا للدور الذي تلعبه قطر من أجل تحقيق السلام والانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان.
وفي تصريح للباحث والصحفي اللبناني داود رمال حول زيارة الرئيس اللبناني إلى دولة قطر، أكد أن هذه الزيارة تحمل أهمية استثنائية على أكثر من صعيد، كونها تعكس متانة العلاقة اللبنانية القطرية، وتؤكد الدور المحوري الذي تلعبه الدوحة في دعم استقرار لبنان ومؤسساته.
ولفت إلى أن زيارة الرئيس عون إلى دولة قطر تحمل في طياتها رسالة تقدير لدورها الثابت في دعم لبنان خلال أصعب المراحل، سواء من خلال دعمها المستمر للجيش اللبناني، أو عبر مشاركتها الفاعلة في اللجنة الخماسية العربية والدولية، التي كان لها دور محوري في الدفع نحو إنهاء الشغور الرئاسي، وتسهيل التوافق اللبناني الداخلي، واستكمال عقد المؤسسات الدستورية بتشكيل حكومة العهد الأولى.
وأوضح أن هذه الزيارة تأتي في توقيت بالغ الدقة على الصعيدين الداخلي والإقليمي، مؤكدا في الوقت ذاته أن الجانب الإنساني في العلاقة بين البلدين لا يقل أهمية، إذ تحتضن دولة قطر الآلاف من اللبنانيين الذين يسهمون من خلال عملهم في مختلف المؤسسات في إعالة عائلاتهم وتعزيز الاقتصاد اللبناني، وهو ما يستوجب كل التقدير من الدولة اللبنانية.
وشدد على أن هذه الزيارة تمثل انطلاقة واعدة في مسار الدبلوماسية الرئاسية، وتفتح آفاقا جديدة للتفاهم والتعاون المثمر بين لبنان ودولة قطر الشقيقة، استنادا إلى المصالح المشتركة والرؤية الواضحة نحو مستقبل أفضل للبلدين.
من جانبه، أشار المحلل السياسي اللبناني الدكتور رائد المصري إلى عمق العلاقات التي تجمع بين لبنان ودولة قطر، مؤكدا أن الدوحة كانت دائما إلى جانب لبنان وشعبه، وأن قطر لم تتوان عن تقديم الدعم للبنان في مختلف أزماته السياسية والاقتصادية والأمنية.
وأضاف أن زيارة فخامة الرئيس عون إلى الدوحة تكتسب أهمية خاصة من حيث توقيتها، في ظل التحولات الكبيرة التي تشهدها الساحتان اللبنانية والإقليمية، معربا عن امتنان الشعب اللبناني لدولة قطر على مواقفها النبيلة وجهودها المتواصلة في ترسيخ الاستقرار وتعزيز الأمان، وعلى حرصها الدائم على حماية لبنان من أي انزلاقات قد تهدد مستقبله ومصير أبنائه.
بدوره، نوه المحلل السياسي اللبناني أسعد بشارة، في تصريح مماثل، بعمق العلاقات اللبنانية القطرية التي اتسمت عبر مختلف المراحل بالتعاون والصداقة والثقة المتبادلة بين البلدين الشقيقين.
وأشاد بالمحطات المفصلية التي وقفت فيها دولة قطر إلى جانب لبنان، مبرزا أن هذه الزيارة تعكس متانة العلاقة بين بيروت والدوحة، ومنوها بالدور الحيوي الذي تلعبه دولة قطر في رسم السياسات الإقليمية وتأثيرها المتنامي في عدد من الملفات الدولية المهمة.
كما ثمن الدعم القطري للبنان في مختلف المجالات، سواء في جهود إعادة الإعمار، أو في المساهمة بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان والكيان الإسرائيلي في نوفمبر الماضي، إلى جانب مساندة الدوحة لمسار الإصلاحات الضرورية التي يحتاجها لبنان للنهوض من أزماته.
من جانبه، أكد المحلل السياسي اللبناني بشارة خيرالله، في تصريح لـ /قنا/، عمق العلاقات التاريخية بين لبنان ودولة قطر، مشددا على أن قطر تمثل دولة صديقة ومحبة للبنان وشعبه، وكانت حاضرة دائما إلى جانبه في أصعب الظروف.
وأشار إلى الدور السياسي البارز الذي أدته الدوحة في ترسيخ التوافق بين القوى اللبنانية، لا سيما من خلال استضافتها لمؤتمر الحوار الوطني اللبناني عام 2008، والذي أسهم في إنهاء الشغور الرئاسي حينها، مؤكدا أن زيارة الرئيس اللبناني إلى الدوحة تأتي في توقيت بالغ الأهمية، وتحمل في طياتها نتائج إيجابية واعدة على صعيد العلاقات بين البلدين الشقيقين.
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية
0 تعليق