EO... يا فسحة الأمل !

المصدر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هذه المرة ستكون الافتتاحية سرديّة لا تقييمية ولا تحليليّة والمتلقي ستصله الرسالة وحدها.

تلقيت اتصالاً من صديق يبلغني فيه أن مجموعة من الشباب الكويتيين الناضجين المنضوين في EO الكويت يريدون الاجتماع بي للتحاور والحديث عن التجربة الشخصية في مجالي الأعمال والإعلام وأيضاً الاستماع إلى رأيي في الأوضاع العامة.

22 مارس 2025

15 مارس 2025

المجموعة فكرتها بالطبع عالميّة تعنى بجملة من الأمور أهمها على الإطلاق الاهتمام بالشباب وتنمية القدرات الفردية والعملية والمهنية لهم، والتركيز على كلّ جوانب التنمية بأسلوب عصري وحديث، وتطوير بيئة الأعمال للأفراد والمجموعات. أجرت المجموعة سلسلة لقاءات مع عدد من الشخصيات الكويتية في مجالات مختلفة وكان لقائي معهم الأربعاء الماضي في مكتبي.

صادف أن مكتبي يقع في الطبقة الأربعين وهو يكشف الكثير من معالم الكويت. قبل اللقاء، وكالعادة في صباحاتي أتأمّل الأجواء المناخية، وكان الطقس قبل يوم عاصفاً بالغبار وأنظر إلى الأجواء الكويتية بعين الإعلامي المُتابع والمُراقب. يوم اللقاء السماء صافية خالية من الغبار.

تساءلت في نفسي عن سقف الحديث مع مجموعة شابة تشقّ طريقها إلى المستقبل. هل أركّز على القلق رغم إيماني المطلق ببلدي ومنعته وقوته؟ هل الخوف على المستقبل أمر مشروع أم يرفع منسوب الإحباط عند الشباب؟ (طبعا ليس مُستقبلي أنا، لأنني أفكر بأبنائي وأحفادي وهم بالنسبة لي يقيناً أغلى مني). هل التفاؤل المطلق أمر محمود للتحفيز والتشجيع؟ هل نقد التجارب السياسية السابقة جائز بشكل شامل أم انتقائي؟ هل التغيير مدخله تعديل الدستور أو قيام دستور جديد؟

أسئلة كثيرة انتهت مع مُصافحة الشباب في لقاء استمر نحو 3 ساعات شعرت أنها 3 أيام لكثرة المواضيع التي أثيرت والسقف المفتوح للأسئلة والإجابات. لم يبق سؤال إلا وتم توجيهه لي في العام والخاص، ولم أعترض على أيّ سائل أو سؤال، بل كنت أتحدّث من القلب وبأريحية وصدق.

انتهى اللقاء، وخرج الشباب وهم يعتبرون أنهم تعلّموا من السيرة والمسيرة تجارب مهمة... لكنهم لم يعلموا كم استفدت أنا منهم، وفرق السن بيني وبينهم ليس بسيطاً. وكم أنّ هذه الجلسة معهم أجابت بشكل مباشر عن مختلف الأسئلة التي تراود الكويتيين عن أخطاء الماضي ومشاكل الحاضر وتحديات المستقبل.

تعلّمت منهم أن الأمل بمستقبل أفضل للكويت ليس ممكناً فحسب، بل هو حقيقي بوجود هذا النهج من التفكير الشبابي.

تعلّمت منهم أنه في موازاة التراجع الذي حصل في مختلف المفاصل السياسية والاجتماعية بفعل ممارسات خاطئة وسلبية، كان هناك من فصل نفسه عما يجري، واختطّ لنفسه طريقاً يتماشى ويتّسق مع المعايير العالمية للتطور والإنتاج عبر تنمية القدرات الفردية الشبابية في بيئة الأعمال، ثم تحصين ذلك بإطار جماعي يساعد على توليد الأفكار، وتنظيم العمل وتسريع الإنجاز.

شعرت، وأنا أنظر إلى معالم الكويت خلال اللقاء، أن من ألتقي معهم الآن هم أحفاد بناة هذه الدولة. يحملون أفضل الصفات وأنبلها طبعاً، هم وغيرهم الكثير من الشبان المخلصين لوطنهم، والطموحين إلى مستقبل أفضل.

اتفقت معهم على أن واحدة من المشاكل الرئيسية، التي نعاني منها اليوم، غياب التخطيط منذ عقود. والدليل أننا ما زلنا نعتمد على النفط كمصدر وحيد للدخل، بل إننا لم نحسب في موضوع الكهرباء مثلاً الضغط المُتنامي نتيجة التوسّع المدني.

والأهم، من التعلم والشعور والاتفاق، أن موجة اطمئنان سكنت قلبي حيال الكويت، خصوصاً إذا توسّع نهج هؤلاء الشباب وتعمّم، وحصد تجارب مُماثلة في مُختلف المجالات.

بعد هذا السرد... رسالة.

رسالة من قلب مُحبّ إلى القيادة السياسية في الكويت، أن تفتح لأقصى حدّ باب التشاور لهؤلاء الشباب وأمثالهم وإشراكهم خصوصاً في موضوع التخطيط. فهم مُخلصون لبلدهم يفهمون معنى الوطنية بإطارها الجامع وليس المصلحي التقاسمي. لا أطماع سياسية ومالية لهم، ولا تنافس بينهم على شعبوية فارغة إلا من الشعارات، ولا يريدون إلا العمل في جوّ من الاستقرار والتقدّم تحت سقف قانون سيفه على الجميع. أكثر من ذلك، أقول بثقة إنّ أيّ تغيير للدستور أو موادّه سيحقق نتيجة أفضل إذا كان للشباب المخلص الطموح دور إلى جانب القامات والخبرات التشريعية لأننا نبحث عن مستقبل للوطن وأبنائه، وليس تنقية شوائب الماضي فحسب.

.. هؤلاء ثروة حقيقية إهدارها ممنوع.

استقبلت السؤال الأخير عن الجملة أو النصيحة أو العبارة التي أنهي بها اللقاء فأجبت: أنا جاسم بودي، لو خيّرت بين السكن في الجنة (بمعناها المجازي الأرضي) أو الكويت لاخترت الكويت. لا أحبها فحسب، بل أعشقها لدرجة الإدمان... وإذا قيل قديماً إن لا كرامة لنبي في وطنه، فأقول إن لا كرامة لتاجر إلا في وطنه... فالخير هنا والنعمة هنا والاحترام هنا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق