الفرق بين حب الحياة وحب الدنيا.. علي جمعة يوضح

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في حديثه عن الفرق بين حب الحياة وحب الدنيا، أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن هناك تباينًا جوهريًا بين مفهوم "حب الحياة" و"حب الدنيا"، موضحًا أن الحياة في المفهوم الإسلامي تشمل الدنيا والآخرة معًا، بينما الدنيا هي مرحلة فانية وليست غاية الوجود.

وقال جمعة: "الحياة في الإسلام ليست مجرد الحياة الدنيوية التي يعيشها الإنسان على الأرض، بل هي رحلة تبدأ بالدنيا وتنتهي بالآخرة، حيث تكون الحياة الحقيقية والخلود الأبدي. ولهذا فإن عقيدة المسلمين تقوم على الإيمان باليوم الآخر الذي يضمن للإنسان الخلود والنجاة، وهو ما يجعل الدنيا جزءًا مؤقتًا في هذه الرحلة".

 الحياة الدنيا في القرآن

وأضاف جمعة أن الله تعالى ذكر في القرآن الكريم عن الحياة الدنيا: "وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" (العنكبوت: 64)، مؤكدًا أن الدنيا هي مجرد مرحلة مؤقتة يجب على المسلم أن لا يعلق قلبه بها، بل أن يكون قلبه متعلقًا بالحياة الآخرة.

وأشار الدكتور علي جمعة إلى أن من يحب الدنيا فقط ويتعلق بها يكون قد ضيع عليه فرصة الحياة الأبدية التي يعده الله بها، فقال تعالى: "وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ" (الأنعام: 32). كما نبه إلى أن القرآن الكريم يحذر من أن الانغماس في الدنيا على حساب الآخرة هو نوع من الغفلة: "وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا" (الأنعام: 70).

لإسلام لا ينكر جمال الدنيا

وأكد  جمعة أن الإسلام لا ينكر جمال الدنيا أو ضروريات الحياة، بل يحث على الاستمتاع بما أباحه الله فيها من طيبات ورزق، لكن دون أن يكون ذلك على حساب الآخرة. وقال: "لقد أمرنا أن نحب الحياة الدنيا ولكن من خلال النظر إليها كمرحلة تمهيدية لما هو أكبر وأبقى، وهو الحياة الآخرة. وفي هذا السياق، يشير القرآن الكريم في قوله تعالى: "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (الأعراف: 32)، إلى أن المؤمن هو الأحق بالتمتع بنعم الله في الدنيا، ولكن في إطارٍ من الوعي بأن هذه النعم هي زاد للآخرة".

وأشار إلى أن من أكبر الأخطاء التي يقع فيها البعض هو التوقف عند مفهوم "الدنيا" فقط، متجاهلين أن الحياة الحقيقية التي يحياها المؤمن هي حياة الآخرة، حيث تكون النعم دائمة لا تنقطع.

الحياة الدنيا ليست هدفًا

وفي ختام حديثه، قال الدكتور علي جمعة: "إن الحياة الدنيا ليست هدفًا في حد ذاتها، بل هي وسيلة لتحقيق السعادة الأبدية في الآخرة. وقد فرق الإسلام بوضوح بين حب الحياة بشكل شامل وحب الدنيا التي تمتلئ بالشهوات الفانية. لذلك يجب على المسلم أن يعيش في الدنيا كما يعيش في مزرعة، يبذر فيها بذور الطاعات ليحصد ثمارها في دار الآخرة، حيث الحياة الحقيقية الأبدية".

وأضاف: "المؤمن يعيش بين الدنيا والآخرة، ولا يتخلى عن التمتع بنعم الله في الدنيا طالما أنها لا تلهيه عن الآخرة. ومن هنا يتضح الفرق الجوهري بين حب الحياة وحب الدنيا، فحب الحياة يشتمل على التوازن بين الدنيا والآخرة، بينما حب الدنيا وحدها هو الذي يوقع الإنسان في الغفلة ويبعده عن الهدف الأسمى الذي خلق من أجله".

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق