رغم كل المحاولات التى بذلها أبو محمد الجولانى، رئيس هيئة تحرير الشام، لتصوير جماعته على أنها جماعة معتدلة وهى تخوض هجومها ضد نظام حكم الرئيس السابق بشار الأسد، إلا أن صورة واحدة نشرتها وكالة أسوشيتدبرس تقف ضد كل محاولاته على طول الخط.
الصورة من مطار مدينة حماه العسكرى بعد استيلاء الهيئة عليه، بينما ثلاثة من عناصرها يظهرون فى إطار واحد مع طائرة من الطائرات الرابضة بالمطار.. ولو كانت الصورة لهم وهُم يقفون إلى جوار الطائرة، أو حتى وهُم فى داخلها، ما كانت هناك مشكلة، ولكن المشكلة أن واحدًا من العناصر كان يقف فوق سطح الطائرة فى مشهد غريب للغاية، وكان الثانى يتسلقها ليقف إلى جواره، وكان الثالث يمسك بجناحها فى انتظار أن يلتحق بهما.
صورة كهذه لا يمكن أن تشير إلى شىء من الاعتدال الذى ظهر ويظهر به الجولانى منذ أن بدأ هجومه قادمًا من الشمال.
ولا يمكن لأحد أن يرى مثل الصورة، إلا ويتوجس خوفًا من حقيقة الأفكار التى تؤمن بها عناصر هيئة الشام، لأن منظرهم فوق الطائرة وحولها يُظهرهم وكأنهم قادمون من مرحلة الحياة فى الكهف إلى الحياة المعاصرة دون تأهيل، ولا إعداد، ولا استعداد!
ليس هذا وفقط، ولكن لا يمكن لأحد أن يرى مثل هذه الصورة أيضًا، إلا ويستدعى ذهنه على الفور صورًا كنا قد تابعناها فى أفغانستان عندما غادرتها القوات الأمريكية وسلمت الحكم لجماعة طالبان.. فلا نزال نذكر صورًا مماثلة أو شبيهة، ومنها على سبيل المثال صورة لعدد من المواطنين الأفغان يتعلقون بذيل طائرة وهى تتجه إلى الإقلاع من مطار كابول!
إن صورًا كهذه تترك وراءها انطباعًا لا يمكن نسيانه أو محوه بسهولة، ولا يمكن أن يكون الانطباع الناتج عنها انطباعًا إيجابيًا فى كل الأحوال.
لا نعرف بالطبع ما إذا كانت الوكالة قد طيرت الصورة من مطار حماه عن قصد، أم أنها طيرتها دون قصد وبغير تعمد، ولكن الذى نعرفه أنها ليست الصورة التى يمكن أن تترك وراءها اطمئنانًا لدى السوريين أو غير السوريين ممن يراقبون ما يجرى ويدور فى الأراضى السورية.
أخشى أن يكون معنى الصورة عنوانًا لمرحلة مقبلة فى سوريا، ولكننا لا نملك سوى تغليب الأمل على كل ما عداه فيما يتصل بالمستقبل فى أرض الشام، لأن سوريا أرض تاريخ عريق لا يجتمع مع صورة كهذه فى سياق واحد.
0 تعليق