استضافت مصر، اليوم، مؤتمر القاهرة الوزارى لتعزيز الاستجابة الإنسانية فى غزة، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى سياق جهود مصر الداعمة للاستجابة الإنسانية فى غزة، ومواجهة الكارثة الإنسانية التى يعانى منها أبناء الشعب الفلسطينى بالقطاع.
وشهد المؤتمر مشاركة وزارية واسعة، بحضور وزراء خارجية كل من: «الأردن والسعودية وقطر والعراق ولبنان، وفلسطين وفرنسا وإيطاليا وسلوفينيا، والكويت والبحرين والدنمارك والبرازيل، وكولومبيا وتونس وموريتانيا».. بجانب ١٠٣ وفود من الدول والمنظمات والهيئات الدولية والمؤسسات المالية.
ويهدف «المؤتمر» إلى تأمين التزامات واضحة بتقديم المساعدات لقطاع غزة، وتعزيز الدعم الدولى لضمان استدامة الاستجابة للأزمة الإنسانية هناك، إلى جانب حشد الجهود لتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة لأهلها، والتخطيط للتعافى المبكر داخل القطاع.
أكد الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، أن العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة فاق كل الحدود، إذ تواصل إسرائيل ارتكاب الفظائع على مرأى ومسمع من العالم منذ أكثر من عام دون رادع، فى مشاهد مروعة تعجز الكلمات عن وصفها، مشيرًا إلى أن هذا العدوان فاقم من المعاناة الإنسانية فى غزة، التى كرّسها العجز الدولى عن اتخاذ قرار بحقن دماء الفلسطينيين.
وقال «عبدالعاطى»، فى كلمة له، أمس، خلال فعاليات مؤتمر القاهرة الوزارى لتعزيز الاستجابة الإنسانية فى غزة، إن المؤتمر يأتى فى ظل استمرار المأساة غير الإنسانية وغير المسبوقة التى يعانى منها الشعب الفلسطينى فى غزة، نتيجة العدوان الإسرائيلى الغاشم المستمر.
وأوضح أن المأساة فاقمت من معاناة الشعب الفلسطينى الإنسانية، والمتواصلة منذ عقود، بسبب استمرار الاحتلال، وزاد منها وكرّسها عجز مؤسسات المجتمع الدولى والمنظومة القانونية الدولية عن اتخاذ قرار ومواقف رادعة وحاسمة تحقن دماء الشعب الفلسطينى، وتوقف الانتهاكات الفادحة التى ترتكبها سلطة الاحتلال الإسرائيلى للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، وتمنع محاولات خلق واقع جديد طارد للفلسطينيين من أراضيهم، ومعرقل لحقهم الشرعى الثابت وغير القابل للتصرف لإقامة دولتهم المستقلة على كامل الأراضى المحتلة عام ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف «عبدالعاطى» أن إسرائيل تستخدم التجويع والحصار كسلاح والتهجير كعقاب جماعى للفلسطينيين، بالمخالفة الفادحة للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، لافتًا إلى أنه، وعلى مدار ١٣ شهرًا، وقف المجتمع الدولى متفرجًا أمام ما يتم ارتكابه من أفعال بشعة، ومشاهد قتل للأطفال والنساء وتشريد للسكان المدنيين وتدمير المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس وقصف سيارات الإسعاف، واستهداف العاملين بالمجال الإنسانى، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة، الذين أودى القصف بحياة أكثر من ١٧٣ منهم، غالبيتهم من شهداء وكالة «أونروا».
وأشار إلى أن العدوان الإسرائيلى دمر أكثر من ألفى منشأة تابعة لوكالة «أونروا» فى قطاع غزة، من بينها أكثر من ٦٥ من مدارسها، موضحًا أن كل ذلك حصيلته أكثر من ٤٣ ألف شهيد فلسطينى، ٧٠٪ منهم من النساء والأطفال، فضلًا عن نزوح أكثر من ٢ مليون شخص، بسبب أوامر الإخلاء التى أصدرها الاحتلال، وباتت تغطى أكثر من ٨٥٪ من أراضى القطاع.
وتابع: «إمعانًا فى انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى، تمنع سلطة الاحتلال المساعدات الإغاثية والإنسانية والطبية اللازمة من الدخول إلى قطاع غزة، من خلال فرض شروط وعراقيل غير مبررة وغير قانونية، وما تسمح بدخوله بعد الضغوط التى تمارس عليها لا يتناسب مع حجم الاحتياجات الهائلة داخل القطاع، والناجمة عن التعرض المستمر للقصف والتشريد وانتشار الأمراض والأوبئة وبرد الشتاء القارس وخطر تفشى المجاعة، بل يجد ما يتم إدخاله صعوبة فى توصيله إلى المحتاجين إليه، لتعرضه للسرقة والتخريب بسبب غياب الأمن، وغير ذلك من المخاطر التى تحول دون قيام العاملين فى المجال الإنسانى بمهام عملهم».
وأردف وزير الخارجية: «إن الكارثة تزداد حدة مع الهجوم المستمر على وكالة (أونروا)، والمساعى لتقويض عملها، بل تدميرها، وما سيترتب على ذلك من الانهيار التام للاستجابة الإنسانية داخل قطاع غزة، وتصفية القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين فى العودة».
وأكد إدانة مصر بشكل كامل، فى هذا السياق، إقرار التشريع غير القانونى لحظر عمل وكالة «أونروا»، لما يمثله من سابقة خطيرة بحظر دولة عضو بالأمم المتحدة لعمل إحدى وكالاتها، وتعكس استخفافًا مرفوضًا بالمجتمع الدولى ومؤسساته، مضيفًا: «وتشدد مصر على أن الوكالة لا بديل لها، ولا يمكن الاستغناء عنها داخل القطاع، ولا يمكن أن يحل محلها أو يقوم بدورها أى طرف آخر أيًا كان».
واستطرد: «لقد كانت مصر فى طليعة الدول التى هبت لإغاثة أشقائها الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، حيث قدمت نحو ٧٠٪ من المساعدات التى دخلت القطاع منذ ذلك الحين، مع تسهيلها إجراءات الشحن الجوى والبحرى والبرى لاستقبال تلك المعونات».
وأكد، أيضًا، أن مصر استضافت آلاف الجرحى من الأشقاء الفلسطينيين، ووفرت لهم الرعاية الصحية، فضلًا عن تطعيم آلاف الأطفال الفلسطينيين، وقدمت الدعم اللازم لالتحاق الطلبة الفلسطينيين بالمؤسسات التعليمية المصرية، سواء من خلال وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، أو الأزهر الشريف، منوهًا إلى أن هذا ليس منة، ولكن مسئولية وواجب على مصر تجاه أشقائها الفلسطينيين، وبتوجيهات مباشرة من الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وبيّن «عبدالعاطى» أن مصر أنشأت أول مخيم إيواء بجنوب قطاع غزة، بالتعاون مع الهلال الأحمر الفلسطينى، ويسّرت أيضًا إدخال ٤ مستشفيات ميدانية إلى القطاع، مع استقبالها مستشفيين عائمين بمدينة العريش، لمعالجة المصابين.
وواصل: «ليكن معلومًا أن مصر مستعدة لإدخال أعداد كبيرة من الشاحنات يوميًا إلى قطاع غزة، بمجرد أن تسمح الظروف الميدانية اللازمة لضمان النفاذ الآمن للمساعدات وتوفير المناخ الآمن لعمل وكالات الإغاثة»، مؤكدًا فى هذا السياق الأولوية البالغة للانسحاب الإسرائيلى الفورى من الجانب الفلسطينى من معبر رفح، فضلًا عن الانسحاب من منطقة محور فيلادلفيا.
كما أكد وزير الخارجية أهمية وقف العدوان الإسرائيلى والانتهاكات التى تمارس فى الضفة الغربية، ورفض سياسة التهجير بحق الشعب الفلسطينى، سواء من قطاع غزة أو من الضفة الغربية، مشددًا على أنه يجب ألا تكون هناك دولة فوق القانون، وأن كل الدول يجب أن تخضع للمساءلة، وموجهًا تحية إجلال وتقدير للشعب الفلسطينى على صموده وكفاحه وتضحياته المستمرة دفاعًا عن حقوقه وأرضه.
واختتم حديثه بالقول: «إن مصر ستستمر فى تقديم كل سبل الدعم والمساندة لوقف نزيف الدم، وستواصل العمل بلا كلل مع الأشقاء العرب، ومع دولة قطر والأصدقاء فى العالم، للتوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار، وكذلك إطلاق سراح الرهائن والأسرى وضمان الوصول الفورى والمستدام للمساعدات الإنسانية».
رئيس الوزراء الفلسطينى: القاهرة وقفت إلى جانبنا من اليوم الأول للحرب
أشاد رئيس الوزراء، وزير خارجية دولة فلسطين، الدكتور محمد مصطفى، بالدعم المصرى الثابت والمستمر للشعب الفلسطينى على كل الأصعدة سواء الإنسانية أو السياسية أو الإغاثية، بما يعزز صموده ويسهم فى الحفاظ على حقوقه المشروعة.
وأعرب «مصطفى»، فى كلمة خلال فعاليات مؤتمر القاهرة الوزارى لتعزيز الاستجابة الإنسانية فى غزة، عن شكره للرئيس عبدالفتاح السيسى على عقد هذا المؤتمر المهم فى هذا الوقت العصيب.
وأضاف أن مصر وقفت منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلى إلى جانب الشعب الفلسطينى، وبذلت جهودًا حثيثة مع الأشقاء والأصدقاء لوقف العدوان الغاشم ووقف إطلاق النار، وكثفت العمل من أجل وصول المساعدات الإنسانية، بما فيها المؤسسات الوطنية لمصر وخاصة جمعية الهلال الأحمر المصرى، التى عملت جنبًا إلى جنب مع نظيرتها الفلسطينية وغيرها من المؤسسات الإنسانية لاستقبال الجرحى والمحتاجين للرعاية الطبية.
وأعرب عن شكره للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ونائبته وممثلى المؤسسات الأممية والإقليمية، خاصة مؤسسات الإغاثة، على جهودهم ودورهم المحورى فى تقديم وتأمين وصول المساعدات والاحتياجات الضرورية، رغم ما يتعرض لها مسئولوها وعمالها من استهداف.
وقال: «إننا جميعًا مثقلون بالألم والحزن، ونبحث سبل التحرك العاجل لوقف الكارثة الإنسانية التى تعصف بغزة الحبيبة»، مشيرًا إلى أن غزة تواجه أزمة إنسانية غير مسبوقة، فهى منطقة منكوبة تعانى من المجاعة والدمار، مضيفًا أن إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال تستخدم الجوع كسلاح للحرب.
وأضاف أن قطاع غزة يشهد تجويعًا متعمدًا وممنهجًا ليس بسبب شح المساعدات بل نتيجة منع دخولها وإعاقة عمل المنظمات، وما زال القطاع يتعرض لحملة إبادة جماعية حتى خلال انعقاد هذا المؤتمر، مضيفًا أن العدوان تسبب فى تدمير ٨٠٪ من البنية التحتية، خاصة المستشفيات والمدارس وخطوط المياه والصرف الصحى وانقطاع الكهرباء والمياه والوقود، وهو ما يشكل فى تفاصيله «جريمة حرب» متكاملة الأركان، وإخفاقًا للإنسانية ولمبادئ القانون الدولى ويستدعى تحركًا دوليًا فاعلًا وعاجلًا.
وقال إن المؤسسات الأممية؛ وعلى رأسها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» تتعرض لمحاولات تقويض عملها فى الأراضى الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، ما يتطلب تحركًا دوليًا وأمميًا عاجلًا يتناسب مع خطورة الاستهداف، باعتبار أن «أونروا» تشكل شريان حياة للشعب الفلسطينى وخاصة فى قطاع غزة.
وأشار إلى أن المؤتمر يشكل فرصة مناسبة لإعادة التأكيد على رفض استمرار احتلال قطاع غزة، واستمرار إغلاق معابره المختلفة أو تقليص جغرافية القطاع أو أى من أراضى وأقاليم دولة فلسطين، لذلك يجب العمل بسرعة على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وخاصة قرار مجلس الأمن ٢٧٣٥؛ من أجل وقف العدوان وتأمين دخول ووصول المساعدات لشعبنا بشكل فورى وعاجل، وبما يمهد لعودة الخدمات الأساسية والرعاية الصحية والتعليم، والبدء بالعمل من أجل إعادة الحياة إلى طبيعتها، وصولًا إلى إعادة الإعمار والتنمية وإعادة قطاع غزة إلى طبيعته جزءًا من دولة فلسطين بدعم وشراكة من المجتمع الدولى.
رئيس الهلال الأحمر الفلسطينى: القطاع يعانى من المجاعة وتفشى الأوبئة والأمراض.. ولا توجد أى «ممرات آمنة»
أعرب رئيس الهلال الأحمر الفلسطينى، الدكتور يونس الخطيب، عن شكره وتقديره الرئيس عبدالفتاح السيسى لجهوده فى تعزيز الاستجابة الإنسانية ووقف إطلاق النار فى غزة.
وأشاد، فى كلمته بمؤتمر القاهرة الوزارى لتعزيز الاستجابة الإنسانية فى غزة، بدور كل مؤسسات الدولة ووزاراتها والهلال الأحمر المصرى للدعم المقدم من قبلها، مشيرًا إلى أن غزة تعانى من مجاعة وتفشى الأوبئة بسبب غلق جميع المعابر والممرات.
ولفت إلى عدم وجود ممرات آمنة مع وجود معاناة متواصلة لكيفية توصيل المساعدات الانسانية، مشددًا على أن مجال العمل الإنسانى داخل قطاع غزة يتلاشى، إذ إن الاحتلال الإسرائيلى لا يحترم القانون الدولى ولا قواعد الحرب.
وأشار إلى عدم وجود حماية للعاملين فى مجال الاستجابة الإنسانية، متهمًا المجتمع الدولى والجهات الفاعلة بعدم توفير الحماية الكافية للمدنيين والعاملين فى المجال الإنسانى.
وأكد «الخطيب» أن الاحتلال الإسرائيلى لا يحترم ميثاق جنيف لــ«قواعد الحرب وقوانينها»، بمحاولة إحدى الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة غلق وإيقاف عمل منظمة تابعة للأمم المتحدة «أونروا»، وتقييد عمل جهات أخرى أممية، من خلال رفض منح التأشيرات وتقنين المساعدات ورفض الدخول بشكل قاطع.
وحمّل رئيس الهلال الأحمر الفلسطينى المجتمع الدولى مسئولية ما يواجهه قطاع غزة من دمار يؤدى إلى المعاناة لسنوات، مشيرًا إلى أن النظام الدولى على حافة الانهيار بسبب عدم احترام القيم والقواعد التى تم تعليمها للمجتمعات المختلفة، وقد فشل وخذل سكان غزة.
0 تعليق