ثقافة بنك.. بين البيع والنزاهة!

جريدة عكاظ 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
في عام 2016، تصدر بنك ويلز فارجو (Wells Fargo)، أحد أكبر البنوك الأمريكية، عناوين الأخبار بسبب فضيحة أثارت الرأي العام الأمريكي. تضمنت الفضيحة قيام موظفي البنك بفتح حوالى 3.5 مليون حساب بنكي وهمي لعملاء دون إذنهم. بدأت هذه الممارسة عام 2002 واستمرت على مدار 14 عامًا. السبب الذي دفع موظفي البنك لفعل ذلك هو تحقيق مستهدف بيعي صارم وغير واقعي فرضته عليهم إدارة البنك. علمت الإدارة بذلك وتجاهلته، بل واستمرت بزيادة الضغط على الموظفين وطلبوا مستهدفات بيعية أعلى. في النهاية، واجه البنك دعاوى قضائية من هؤلاء العملاء، مما أدى إلى دفع البنك غرامة مالية تزيد على 3 مليارات و480 مليون دولار. دعونا نتأمل في هذه القصة الحقيقية، ونستنتج أن هذا السلوك أصبح من «ثقافة المنظمة»، والتي تُعتبر غير أخلاقية وغير قانونية. علماء الإدارة شخّصوا مشكلة البنك بأنها مشكلة أخلاقية بالدرجة الأولى قبل أن تكون مشكلة قانونية، وعلاجها يمكن أن يكون في وجود ثقافة أخلاقية (Ethical Culture). دعونا نُركز في هذا العلاج، ونطرح السؤال المتوقع: كيف نبني ثقافة أخلاقية في منظماتنا؟

بناء ثقافة منظمة يتطلب اتباع إستراتيجيات مدروسة ومتكاملة، حيث تُعتبر الخطوة الأولى فيها، هي: تحديد القيم الأخلاقية الموجودة في المنظمة والمرغوب أن تكون فيها. فتقوم المنظمة على عمل ما يلي: 1. معرفة القيم الأخلاقية البارزة حاليًا في المنظمة. 2. تبني قيما أخلاقية جديدة تحقق أهداف المنظمة وتغطي الجانب الإنساني للموظفين. 3. وضع هذه القيم في الخطة الإستراتيحية للمنظمة وفي ميثاق الأخلاقيات (Code of Ethics)، وهو: وثيقة رسمية تتضمن القيم والمبادئ الأخلاقية التي يجب أن يلتزم بها جميع الموظفين في المنظمة. من فوائد وجود هذا الميثاق في المنظمة، ما يلي: 1. تُحدد ما هي القيم الأساسية للمنظمة التي يجب على جميع الموظفين اتباعها. 2. تُساعد على اتخاذ القرارات الصحيحة وإن كانت صعبة. 3. تدعم بناء ثقافة أخلاقية صحية. 4. تُقلل من مخاطر الفساد.

والآن، دعونا نطبق سويًا هذه الفوائد الأربع على بنك ويلز فارجو، ونقدم لهم نصحية بكتابة ميثاق الأخلاقيات خاص بهم، الذي يساعدهم على ما يلي: 1. عندما يتم تحديد القيم الأساسية للمنظمة فهذا يحمي الموظفين من ضغط الإدارة غير المبرر عليهم، مما يجنبهم الوقوع في مخالفات أخلاقية. كما يضمن أن الإدارة لا تدفع الموظفين للتخلي عن قيم المنظمة. 2. اتخاذ قرارات صحيحة وإن كانت صعبة مثل تغير إستراتيجيات البنك وتدريب الموظفين، بدلًا من النتائج السهلة والسريعة غير الأخلاقية. 3. بناء ثقافة أخلاقية عن طريق تشجيع السلوك الأخلاقي مثل تقديم مكافأت وإبراز أمثلة أخلاقية. 4. تقليل مخاطر الفساد عن طريق تشجيع الموظفين على الإبلاغ عن السلوكيات غير الأخلاقية دون خوف من الانتقام، أما دور الإدارة فيكون في مراجعة العمليات والسياسات باستمرار للتأكد من توافقها مع القوانين، وهذا يجنبها المخالفات القانونية والدعاوى القضائية.

تلخيصًا لما سبق، يتناول المقال أهمية بناء ثقافة أخلاقية في المنظمات من خلال تحديد القيم الحالية والمرغوب فيها، وثائقها الرسمية مثل الخطط الإستراتيجية وميثاق الأخلاقيات. وعلى الإدارات العليا للمنظمات والموظفين الالتزام بتطبيق ما يرد في الميثاق. أخيرًا إن بناء ثقافة أخلاقية ليس خيارًا للمنظمات بل هو مسؤولية عليهم تجاه الوطن والمجتمع. فالمنظمات التي تضع القيم والمبادئ والأخلاق في صميم عملها تُسهم في تحقيق النزاهة وتلقائيًا في مكافحة الفساد، وتُؤيد تنفيذ قول صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، «إن مكافحة الفساد مسؤولية الجميع». وهذا يؤدي إلى خدمة الوطن، حيث القيم والمبادئ والأخلاق هي الأساس الذي يبني عليه النجاح الحقيقي وليس تحقيق المبيعات. فلنساهم جميعًا في جعل الممكلة نموذجًا عالميًا في النزاهة ومكافحة الفساد.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق