أصدر الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، قرارًا بصرف الألبان المدعمة شبيهة لبن الأم على مجموعة محدودة من الحالات الاستثنائية، مما أثار جدلًا واسعًا فى الأوساط الطبية والاجتماعية، مطالبين بضرورة تطبيق العدالة فى توزيع الألبان الصناعية المدعمة وفقًا لاحتياجات الأطفال الحقيقية.
استعرض القرار الذى حصلت «الفجر» على نسخة منه الحالات المستحقة لصرف الألبان المدعمة، حيث تم تقسيم هذه الحالات إلى ثلاث مجموعات رئيسية، تشمل المجموعة الأولى حالات تستحق الصرف بعد التقييم الطبى، وهذه المجموعة تضم عددًا من الحالات الصحية التى تؤثر على قدرة الأم على إرضاع طفلها بشكل طبيعى.
أبرز هذه الحالات تشمل ولادة توائم ولكن الكمية المقررة ستكون كافية لطفل واحد فقط، والحالة الثانية هى فى حالة وفاة الأم، أو عند إصابة الأم بأمراض خطيرة من بينها الفشل الكلوى، الفشل الكبدى، أو الأمراض التى تؤثر على قدرة الأم على الرضاعة مثل نوبات الصرع الحادة أو الأمراض النفسية والعقلية الشديدة، أو مرض نقص المناعة المكتسب، أو عند إصابة الأم بحالة طبية تتطلب الحجز فى الرعاية المركزة.
وحسب اللائحة فالمجموعة الثانية تشمل حالات تستحق الصرف لفترة زمنية محددة حيث يتم منح الألبان المدعمة للأطفال فى هذه الفئة بناءً على حالات محددة للمرض الذى يصيب الأم، ويقتصر صرف الألبان المدعمة فى هذه الحالات على فترة العلاج ويشترط إعادة التقييم الطبى بعد هذه الفترة.
أبرز الحالات تشمل الأم المصابة بالدرن، حيث يتم صرف الألبان المدعمة للأطفال فقط خلال أول أسبوعين من علاج الأم، كما أن الأم التى تتلقى علاجات تؤثر على الرضاعة تتسلم ألبانًا حسب علاجها، وتشمل الأدوية المنشطة للجهاز العصبى المركزى، والأدوية المثبطة للمناعة، والأدوية العلاجية مثل الكيميائى والعلاج العضلى، وفى هذه الحالات يجب أن تقدم الأم شهادة طبية معتمدة من طبيب متخصص، على أن تصدر هذه الشهادة من مستشفى حكومى، مع إرفاق صورة من بطاقة الرقم القومى وشهادة ميلاد الطفل.
والمجموعة الثالثة المستحقة للأطفال هم «كريمى النسب» حيث يتم السماح لهم بالحصول على الألبان المدعمة بناءً على محضر شرطة رسمى يثبت العثور على الطفل فى حال لم يكن له والدان أو فى حالات الطوارئ التى تستدعى ذلك، وضمن أهداف القرار، أعلنت وزارة الصحة عن البدء فى ميكنة منظومة صرف الألبان المدعمة، بهدف ضمان العدالة فى توزيع الألبان وضمان حصول المستحقين عليها بسهولة، بهدف منع الممارسات السلبية، مثل صرف الألبان لأطفال متوفين أو صرفها لأكثر من طفل عبر مراكز وصيدليات مختلفة.
الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان، أوضح أن: «ميكنة صرف الألبان ستساهم فى ضمان توافر الألبان بأماكن الصرف وتوزيعها بشكل عادل، حيث ثَبُت أن بعض الأمهات كن يقمن بصرف اللبن أكثر من مرة لنفس الطفل من خلال مراكز متعددة بمحافظاتهن المختلفة، كما أنها تهدف لتعزيز الرقابة على آلية التوزيع والتأكد من وصول الألبان المدعمة فقط إلى المستحقين».
وأضاف أن: «وزارة الصحة تعمل بشكل دورى على تحديث البروتوكولات الخاصة بالاستخدامات العلاجية للألبان المدعمة، وذلك بهدف الحفاظ على الصحة العامة،على سبيل المثال، كانت هناك توصيات قديمة بعدم الرضاعة الطبيعية للأمهات المصابات بالسكر أو الضغط، ولكن الدراسات الحديثة أثبتت أن الرضاعة الطبيعية تساعد الأمهات المصابات بالسكر فى الحفاظ على معدلات السكر فى الدم».
وأكد «عبدالغفار» أن: «هذا القرار لا يهدف لتقليل الإنفاق على الألبان المدعمة، بل لتحسين توزيعها وتوجيهها بشكل أفضل، والدولة تنفق نحو ٣ مليارات جنيه سنويًا على الألبان المدعمة للأطفال فى المرحلة الأولى والثانية، وحوالى ١.٢ مليار جنيه على الألبان العلاجية، وتكلف عبوة اللبن الواحدة ٣٠٠ جنيه، والقرار يسعى لتحسين جودة الإنفاق وضمان الوصول للأمهات والأطفال المستحقين».
وأوضح أن: «الألبان المدعمة لن تُصرف للأطفال إلا فى الحالات التى لا تتمكن فيها الأم من إرضاع طفلها بشكل طبيعى، وذلك بناءً على توصية الطبيب المعنى، كما أن وزارة الصحة ستستمر فى متابعة الحالات المدرجة ضمن المنظومة عبر فرق حوكمة للتأكد من التوزيع العادل».
من جهته وصف محمود فؤاد، المدير التنفيذى للمركز المصرى للحق فى الدواء، القرار بـ «المتعسف»، محذرًا من تأثيره السلبى على مئات الآلاف من حديثى الولادة والأمهات بمصر، مضيفًا أن: «القرار الجديد لا يراعى الأمهات اللاتى يعانين من مشكلات صحية مثل انقطاع أو نقص إدرار اللبن أو ضعف عام بالجسم، وهو ما يعوق قدرتهن على الرضاعة الطبيعية، وهذا القرار سيؤدى لتزايد معاناة الأسر المصرية التى تعتمد على الألبان المدعمة فى تغذية أطفالها».
وأكد «فؤاد» أن مشكلة توزيع الألبان المدعمة تتفاقم بسبب عدم ميكنة المنظومة بشكل فعّال، ما يؤدى لسوء التوزيع وظهور سوق سوداء لهذه الألبان، موضحًا أن بعض الألبان المدعمة تُستخدم لأغراض غير مشروعة، مثل بيعها فى المقاهى، ما يعكس خللًا فى الرقابة على الصرف. ودعا إلى ضرورة تشديد إجراءات صرف الألبان المدعمة من خلال ميكنة المنظومة لضمان وصول الألبان للمستحقين، وتقليل الفساد الذى يعوق استفادة الأسر المحتاجة، مشيرًا إلى أن العبء المالى الذى تتحمله الأسر لشراء الألبان المستوردة يشكل ضغطًا كبيرًا على الأسر المصرية ذات الدخل المحدود.
0 تعليق