"بنك قطر الوطني QNB" أن يشهد نمو الاقتصاد الياباني انتعاشا في العام المقبل، وذلك بفضل نمو الدخل الحقيقي الذي يعزز الاستهلاك، وبرنامج التحفيز المالي، وتحسن التوقعات الخاصة بالقطاعات الموجهة نحو التصدير.
وتوقع البنك، في تقريره الأسبوعي، أن ينمو الاقتصاد الياباني بنسبة 1.3 في المئة في عام 2025، وهو ما من شأنه أن يفسح المجال أمام بنك اليابان لاستئناف رفع أسعار الفائدة بعد زيادة حذرة في مارس الماضي، هي الأولى منذ 17 عاما.. مشيرا إلى أن آفاق النمو المتفائلة للاقتصاد الياباني ظهرت مع بداية العام، حيث كانت النسبة المتوقعة لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2024 قريبة من 1 بالمئة.
ورغم أن هذه النسبة لا تعتبر كبيرة بالمقارنة مع بلدان أخرى، إلا أنها كانت أعلى من المتوسط السنوي الذي بلغ 0.75 بالمئة في اليابان منذ عام 2000.
وتشير التوقعات الأخيرة إلى تراجع طفيف في الاقتصاد الياباني هذا العام.. ومع ذلك، فإن الرياح المعاكسة آخذة في الانحسار، وأصبحت الأوضاع الآن مواتية بدرجة أكبر لليابان.
وأرجع التقرير الانتعاش المعتدل المتوقع للاقتصاد الياباني في العام المقبل إلى ثلاثة عوامل رئيسية، أولها أنه من المتوقع أن يتجاوز النمو القوي في الأجور معدل التضخم، وهو ما من شأنه أن يعزز الدخل الحقيقي ويدعم تعافي الاستهلاك، بعد أن أدى ارتفاع التضخم إلى تآكل القوة الشرائية لدخل الأسر خلال العامين الماضيين.
ورأى البنك في تقريره الأسبوعي، أنه نتيجة لذلك، شهد الاستهلاك ركودا، وظل أقل بكثير من المتوسط الذي كان سائدا قبل جائحة كورونا /كوفيد-19/ خلال الفترة 2018 - 2019. ومنذ منتصف العام، بدأ نمو الأجور المعدل وفقا للأسعار في التعافي، على خلفية اتفاق الشنتو (المفاوضات السنوية بين النقابات العمالية وقادة الشركات) الذي أدى إلى زيادة في متوسط الأجور بنسبة 5.6 بالمئة، وهي الأكبر منذ 33 عاما، وفي الربع الثالث من هذا العام، نما الاستهلاك بمعدل سنوي قوي بلغ 3.6 بالمئة، وهو الأعلى منذ التعافي من جائحة كوفيد.
وقال التقرير إن أكبر اتحاد نقابي للعمال في اليابان يهدف للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى زيادة في الأجور مماثلة للزيادة السابقة. ونمو الأجور بمتوسط 5 بالمئة مع اقتراب التضخم من 2 بالمئة يعني ضمنا زيادة كبيرة في القوة الشرائية للأسر. ويدعم رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا زيادة الأجور، فهو يسعى لإيصال الاقتصاد إلى حلقة إيجابية من النمو مع الحفاظ على استقرار التضخم. ولأن الاستهلاك يمثل ما يقرب من 60 بالمئة من الاقتصاد الياباني، فإن الدفعة التي يوفرها الدخل الحقيقي ستدعم النمو الاقتصادي بقوة.
أما العامل الثاني الذي ارتكز عليه التقرير في تحليله فتمثل في طرح الحكومة مبادرات جديدة وبرنامجا ماليا من شأنه أن يوفر المزيد من التحفيز للاقتصاد. ففي نوفمبر الماضي، وافق مجلس الوزراء على حزمة بقيمة 21.9 تريليون ين ياباني (140 مليار دولار أمريكي) تتضمن إجراءات للتخفيف من تأثير التضخم على الإنفاق الأسري، فضلا عن زيادة الاستثمار في الصناعات الرئيسية. وتشمل التدابير تحويلات نقدية للأسر ذات الدخل المنخفض، ودعم فواتير الكهرباء والغاز، إضافة إلى رفع عتبة الراتب السنوي المعفى من الضرائب لتشجيع المشاركة في القوى العاملة، وخاصة بين النساء.
وتستهدف الحكومة وفق التقرير زيادة الاستثمار، مع دعم الإنفاق الرأسمالي في صناعات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، في محاولة لاستعادة القدرة التنافسية للاقتصاد الياباني، وستساعد التدابير الجديدة التي اتخذتها الحكومة في تعزيز النمو الكلي.
أما العامل الثالث فيتمثل استفادة القطاعات الموجهة نحو التصدير من انخفاض قيمة العملة اليابانية /الين/ وتحسن الطلب الخارجي. ففي هذا العام، انخفضت قيمة الين بنسبة 7.6 بالمئة في المتوسط مقارنة بالعام الماضي. ويعزز ضعف الين القدرة التنافسية للصناعات الموجهة نحو التصدير من خلال خفض أسعار السلع والخدمات إلى مستويات معقولة أكثر في السوق العالمية.
وقد استفادت السياحة بشكل ملحوظ من هذا التحول في العملة، وباتت الآن من أكبر القطاعات جلبا للتدفقات النقدية الخارجية إلى اليابان. في أكتوبر الماضي، استقبلت اليابان عددا قياسيا من السياح بلغ 3.3 مليون زائر. وعلى مدار الاثني عشر شهرا الماضية، بلغ الإنفاق السياحي حوالي 37.7 مليار دولار أمريكي، مما يؤكد المساهمة الكبيرة للقطاع في الاقتصاد.
وإلى جانب السياحة، تشهد صناعات مثل السيارات والإلكترونيات زيادة في الطلب بسبب تحسن القدرة التنافسية للأسعار. بالإضافة إلى ذلك، ستستفيد الصادرات من تحسن الطلب الخارجي حيث نتوقع أن يستمر نمو أحجام التجارة العالمية في التعافي، ويتسارع إلى 3.2 بالمئة في عام 2025، من نسبة 2.8 بالمئة المتوقعة لهذا العام. إجمالا، فإن تحسن التوقعات للقطاعات الموجهة نحو التصدير من شأنه أن يعزز تعافي النمو الاقتصادي في اليابان.
0 تعليق