بعد مرور 14 عاماً على اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، الذي حكم البلاد بالحديد والنار، وقمعه للثورة، والتنكيل بأعضائها، ومناصريهم، وارتكابه المجازر الفظيعة ضد الشعب السوري، بأكمله كعقاب جماعي، باستخدام البراميل المتفجرة، والأسلحة الكيماوية والتقليدية، وتعذيب المساجين دون رحمة، سقط نظامه بشكل سريع، ودراماتيكي خلال أيام.
فقد تخلى عنه حلفاؤه التقليدون، خصوصا روسيا وإيران، وحصول تفاهمات دولية بين روسيا والولايات المتحدة بشأن الحرب في أوكرانيا.
وبعد تدمير قدرات "حزب الله" اللبناني غلت يد إيران في المنطقة وبضوء أخضر، وتعاون لا يقبل الشك من تركيا.
الملفت للنظر أن الثورة بهيئتها العسكرية، وبعد أن اشتد عودها، وكسبت خبرة عسكرية وسياسية، وبعد قراءة الخارطة السياسية، والجيوسياسية، والتعامل معها على أساس أن الثورة سلمية، وهدفها اسقاط النظام، وبناء سورية موحدة بكل اطيافها، ومكوناتها، لهذا منذ استيلاء الثوار على المدن السورية انتهجوا سياسة حصيفة، وحكيمة، وهي التعامل مع من يقف مع الثوار، ويسالمهم بالعفو، طالما أنه ألقى سلاحه، أو اتخذ موقف الحياد.
كذلك يحسب للثوار توجيهاتهم بعدم تدمير المنشاءات الحكومية العامة، والتعامل معها على أساس أنها ملك للشعب، والدولة، وكذلك تكليف رئيس وزراء جديد، والاتصال برئيس وزراء النظام البائد ووزرائه للتفاهم على إدارة شؤون الدولة لمدة ستة أشهر، الى حين تشكيل حكومة وطنية، ووضع دستور سوري جديد.
هذا التصرف الحضاري عزز الثقة بمستقبل سورية، وانتهاج الثوار العدالة الانتقالية، التي تقوم على مبدأ تحديد المسؤولية الجنائية الفردية، لمن أرتكب جرائم ضد الشعب والدولة من فلول النظام. وعدم استخدام مبدأ العدالة الانتقامية، التي تقوم على معاقبة الشعب بأكمله عن جرائم النظام البائد، فهذا دليل على رقي الثورة، وحكمة ثوارها، راجيا لهم الاستمرار في هذا النهج السوي والحضاري نحو سورية جديدة وموحدة.
دكتور في القانون ومحام
0 تعليق