وأنا جالس فى انتظار ركوب المترو.. استمعت من غير قصد إلى حوار بين شخصين يقول الأول للثانى: هل أصبحت كل أحلامنا لا تتجاوز مقعدا فى حافلة أو قطعة خبز، وكل اهتماماتنا هى كيفية الوصول إلى منازلنا بسلام، وأصبحنا بهذا الهوان والذل بأن نرى الظلم ولا نستطيع أن نرفع صوتنا لمواجهته؟ ليرد عليه الآخر ويقول: ما تقوله ليس جديدا فإن المصريين يخافون من الظالم خوف الجبان من بأس الشجاع، فلم نرَ فى حياتنا شعبًا كهذا فلا تحزن إنه الجبن والضعف، ثم أسمعه وسمعت معه قصيدة للفاجومى «أحمد فؤاد نجم» يقول فيها عن شعب مصر «يا شعبى حبيبى يا روحى يا بيبى.. يا حاطك فى جيبى يا ابن الحلال.. يا شعبى يا شاطر يا جابر خواطر.. يا ساكن مقابر وصابر وعال.. يا واكل سمومك يا بايع هدومك.. يا حامل همومك وشايل جبال..» إلى آخر القصيدة، وأنا أستمع لهما بإنصات شديد، وإذا بالأول يقف مذهولاً وإذا بالثانى يسأل ماذا بك؟ فيرد عليه: لا شىء، إنما أرى المترو وصل. وأريد أن أجد مكاناً أمام الباب وسط الزحام، ليرد عليه الثانى فيقول له لعن الله كل جبان لا يقول «لا» فى وجه كل من يقولون «نعم».

لم نقصد أحدًا!