عربي ودولي
0
الميدان مشتعل والدبلوماسية مكبلة..دخان الحرب يعلو في سماء غزة بينما تتراجع فرص الحل
❖ رام الله - محمـد الرنتيسي
أكثر من التصعيد وأقل من الحرب، ذلك الذي تشهده القدس والضفة الغربية، أما في غزة، فلم يسبق للحرب الضروس أن ضربت بمثل هذه القسوة، ما استعصى على قراءات المراقبين وتقديراتهم، فالمواجهة الدامية متواصلة بالرغم من الجهود الدبلوماسية التي نهضت مجدداً، في محاولة لاحتوائها.
ناهز عدد الشهداء الـ45 ألفاً، وأضعاف أضعافهم من الجرحى والمفقودين، وتهاوى أكثر من نصف غزة على الأرض، بفعل القصف العنيف والهستيري الذي يستهدف كل شيء، بينما دخلت الأضاع الإنسانية في مرحلة هي الأشد خطورة، مع تشديد قبضة الحصار في شمال غزة، ونهضت مبادرات دبلوماسية عدة، مع أن ذلك لم يمنع الحرب في غزة من المضي قدماً في حصد الأرواح، بل إن فتيلها أشعل القدس والضفة الغربية. غوص في المجهول، وتوقعات متشائمة، ولا يعتقد كثيرون أن التوصل لاتفاق يوقف الحرب سيكون من السهل دون تنازلات صعبة، تجنب غزة إراقة المزيد من الدماء، والدخول في موجات نزوح وخراب جديدة.
- مواقف متصلبة
وعادت الدوحة من جديد تتصدر المشهد الدبلوماسي، محاولة تحريك المياه الراكدة في الملف التفاوضي والتوصل إلى اتفاق يفضي إلى وقف الحرب، وصفقة تبادل للأسرى، لكن العقبات لا زالت كبيرة، والهوة واسعة، كما يقول مراقبون. فاستناداً إلى الباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية نهاد ابوغوش، فالمواقف الإسرائيلية ظلت متصلبة، وتشكل عقبة أمام الاتفاق، فالكيان الإسرائيلي يرفض دفع الحد الأدنى من ثمن إنهاء الحرب، بما يشمل سحب قواته من قطاع غزة، وعليه، يظل الرهان على ضغط أمريكي جاد، ينسجم مع رغبة الإدارة الأمريكية القادمة، في إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين قبل 20 يناير المقبل. لكن أبو غوش، حذر من ضغط إسرائيلي مضاد، من قبل اليمين المتطرف، الذي يدفع عادة باتجاه مواصلة الحرب، بل وأبعد من ذلك إعادة احتلال قطاع غزة، علاوة على مماطلة نتنياهو نفسه في قبول التهدئة، خشية محاسبته سياسياً وقضائياً.
بينما يرى المحلل السياسي خليل شاهين في الموقف الإسرائيلي الذي يتبنى نظرية «اتفاق وقف اطلاق النار ليس بالضرورة أن ينهي الحرب» ما يعيد الأمور في قطاع غزة إلى خانة المربع الأول، منوهاً إلى أن الصورة تبدو سوداوية، ومن هنا، فالمشهد يحتاج لقرارات جراحية.
وفي قطاع غزة ثمة سباق يرتسم بالنار بين الحل والحرب، ما يبقي الأرضية التي تستند إليها مفاوضات التهدئة مهتزة، ويصعب البناء عليها، وعليه، لا تبوح الأجواء الملبدة بدخان الحرب بأن المسار السياسي معبد أمام الحل، فالميدان مشتعل والدبلوماسية مكبلة، رغم حرص الأطراف الراعية على إعلاء ألوية التسوية السياسية وإخماد النار.
وتنبئ المؤشرات الميدانية التي لاحت من جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا، عن اشتداد وطأة العدوان على شمال غزة، إذ مؤشر عداد الضحايا إلى ارتفاع، والمجازر تلاحق النازحين إلى خيامهم التي يفرون إليها من جحيم القصف، والمقاتلات الحربية تجوب السماء وتضرب الأرض، ولعل هذا الضرب من العدوان المثقل بالدماء والأشلاء، أصبح السمة الرئيسية لمجمل التوجه الإسرائيلي بمواصلة الحرب. هكذا تنام غزة وتستيقظ مع طلائع الشهر الخامس عشر من الحرب التطهيرية، في مشهد مروع يسقط معه كل تنبؤات المساعي السياسية، ويأخذ كل احتمالات التفاؤل إلى نفق مظلم، بينما تقديرات المراقبين تنذر بأن هامش المناورة السياسية بدأ يضيق أكثر، فيما احتمالات لجم الحرب آخذة بالتراجع.
اقرأ المزيد
مساحة إعلانية
0 تعليق