الإثنين 16/ديسمبر/2024 - 10:19 ص 12/16/2024 10:19:59 AM
شهدت مكتبة مصر العامة بالأمس الأحد وفي حضرة أعداد قليلة من كبار المبدعين افتتاح الدورة الأولى لمهرجان الإبداع العربي والذي يرأسه مدير التصوير السينمائي الكبير دكتور سمير فرج،و يتولى أمانته العامة الناقد الفني أيمن الحكيم. هي بالفعل أعداد قليلة من الحضور سمحت بهم مساحة القاعة التي استضافت الفاعلية، ولكنها كوكبة من رموز الفكر والإبداع والإعلام المصري والعربي. بالطبع، لنا أن نغفر أخطاء البدايات التي تصادف أي فاعلية ولكنها تظل في دائرة الأخطاء وليست الخطايا، بل لنا أن نصفها بمجرد الهفوات التي فرضها كونها الدورة الأولى من المهرجان وخبرات المنظمين للحدث ما تزال في طور التكوين. ورغم تلك الهنات إلا أن رسالة المهرجان جاءت واضحة من أن الإبداع العربي قادر ما يزال على رأب جزء كبير من التصدعات السياسية التي أصابت أمتنا. وفي ظني أن التوقيت خدم صناع المهرجان، إذ جاء بعد أيام قليلة من زلزال سياسي جلل وقع في سوريا.
رسائل حفل الافتتاح أيضا جاءت على ألسنة بعض ضيوفه العرب أذكر من بينهم السعودي دكتور عبد الله بانخر والذي بكى أثناء إلقاء كلمته التي تغنى فيها بحب مصر ثقافة وفنا ونيلا وإبداعا. أسعدني جدا تكريم عدد من رموز الإبداع العرب -أحياء كانوا أو من الراحلين- كاسم الموسيقار علي إسماعيل بمناسبة مرور خمسين عاما على رحيله وتسلمت درع التكريم ابنته شجون. كما تم تكريم الإذاعية الكبيرة سناء منصور التي أنابت عنها الإعلامية جاسمين طه زكي. وعربيا، تم تكريم اسم المخرج والمنتج السعودي الراحل محمد قزاز بحضور نجله وحفيديه. أما النجمة لطيفة فقد أرسلت رسالة صوتية تحية للمهرجان وشكرا على تكريمها من الرياض حيث تحيي حفلا غنائيًا هناك.
الجميل في المهرجان اهتمامه بأن تكون ضمن فاعلياته مسابقة للبودكاست، ذلك الوافد الإعلامي واسع الانتشار - رغم حداثته - والأجمل أن تضم لجنة التحكيم أسماء لرموز كبيرة برئاسة الإذاعية الرائدة إيناس جوهر، والتي عرّفت الحضور بسلاستها المعتادة وبخفة ظلها ماهية البودكاست. وتحدث الإعلامي الشاعر جمال الشاعر كلمة قصيرة لكنها جاءت متضمنة معان كثيرة ورسائل هامة.
لاشك أن كل من تقدم بعمل للتنافس في المسابقة من صنّاع هذا المحتوى سيربحون حتى من لن يفوزوا بجائزة، فأن يُحكّم لهم أسماء بهذا القدر فهو نجاح مبكر، وتعديل لمسار منتجهم الإعلامي وهم ما يزالون في مرحلة البدايات. وتتوالى في اليوم الثاني باقي الفاعليات التي يديرها ويشارك فيها أسماء كبيرة في عالم الإبداع العربي أمثال الشاعر والسيناريست دكتور جمال العدل، والشاعر القدير جمال بخيت إذ سيدير إحدى ندوات المهرجان، وهو الذي تسلم درع تكريم نيابة عن صديقه علي الحجار المرتبط بماتينيه عرض مسرحي.
جميل من إدارة المهرجان أن تعيد التذكير بقيمة الإبداع ورسالته، وأن تأخذ أجندته الطابع العربي بعد أن خفت صوت العرب نتيجة أحداث سياسية متتابعة. بالطبع، مهرجان بكل هذا المستوى من الحضور وبسمو فكرته كان يتطلب تمويلا أكبر وعددا أكثر من الرعاة سواء من الجهات الرسمية أو القطاع الخاص، وهو ما كان سيتيح ظروفا مواتية تضمن نجاحا أوسع. ورغم هذا، فإن هذا التحدي هو ذاته الذي دعاني للكتابة عن المهرجان وتحية القائمين عليه، وخاصة الرائع أيمن الحكيم، فإصرارهم على تدشين المهرجان رغم انعدام - ولا أقول ضعف - الإمكانيات، وقدرتهم على حشد كل هؤلاء النجوم، هو النجاح بعينه.
أتمنى للمهرجان الاستمرار لسنوات كثيرة قادمة، وأن يتم فتح آفاق جديدة وتضمين مسابقات أكثر، وتوسيع دائرة المشاركة العربية، وتوفير فرص لاستضافة عدد من المبدعين العرب، ورصد جوائز أقيم للفائزين في مسابقتيه سواء للأفلام السينمائية الروائية والقصيرة، وكذلك لصناع البودكاست. وهكذا كانت دائما بدايات كل المهرجانات التي رسّخت مكانتها بعد دورات عديدة، فلولا طموح بعض المغامرين وحرصهم على الابتكار لما تحققت تلك النجاحات التي صنعت لمصر مكانتها ورسّخت قوتها الناعمة.
0 تعليق