أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي إجراءات حاسمة والالتزام بمسؤولياته الإنسانية والقانونية والعمل على وقف فوري وشامل لإطلاق النار ورفع المعاناة عن المدنيين الأبرياء في قطاع غزة.
وقال البديوي، في كلمته باجتماع القمة اليوم: «نجتمع اليوم في هذه الدورة في ظل أوضاع إقليمية حساسة وأحداث متسارعة تدعو إلى تعزيز التضامن وتوطيد أواصر التلاحم بين دولنا والعمل الجاد والمتواصل لترسيخ القواعد التي قامت عليها منظومتنا الشامخة»، مضيفا أن تلك القواعد «جعلت من مجلس التعاون مثالا يحتذى في الوحدة والتكامل».
وأضاف أنه لا يمكن في هذا السياق إغفال الأزمة المروعة التي يرزح تحت وطأتها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بفعل الحرب التي تشنها قوات الاحتلال الاسرائيلية المستمرة والتي امتدت آثارها الى لبنان، مما أدى الى تصعيد عسكري خطير وتفاقم التوترات في المنطقة.
وأشاد بمواقف دول مجلس التعاون الخليجي الراسخة والثابتة تجاه نصرة القضية الفلسطينية التي تجسد أصالة الانتماء العربي الاسلامي، وتؤكد الالتزام الاخلاقي تجاه نصرة هذا الشعب الشقيق.
وأعرب عن التقدير العميق لدور السعودية في استضافة القمتين العربيتين والإسلاميتين غير العاديتين اللتين اجمع فيهما القادة العرب والمسلمون على ضرورة تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، مشيدا بإطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين» بهدف تحقيق السلام العادل والدائم وفق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية لعام 2002.
وأفاد بأنه لا يمكن إغفال الدور الريادي الذي تضطلع به دولة قطر في جهود الوساطة الإقليمية والدولية، حيث جسدت نموذجاً فريداً للإصرار والعمل الدؤوب في سبيل تحقيق السلام وحل النزاعات.
وأشار إلى أهمية مبادرة مملكة البحرين التي أقرتها القمة العربية العادية بدورتها الـ 33 في المنامة، والتي تدعو إلى عقد مؤتمر دولي للسلام لدعم حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأشاد البديوي بالجهود السياسية والإنسانية المتعددة التي تبذلها كل من دولة الإمارات وسلطنة عمان ودولة الكويت لنصرة الشعب الفلسطيني على كل المستويات السياسية والإنسانية.
وقال ان منظومة مجلس التعاون أضحت بفضل السياسات الرشيدة والتوجهات المتزنة التي تتبناها دول المجلس منارة متألقة ومقصدا إقليميا ودوليا مرموقا للشراكات الاستراتيجية.
وأشار الى أهم الإنجازات التي تحققت في هذا السياق، ومنها «النجاح الباهر الذي شهدته القمة الخليجية الأوروبية التاريخية الأولى التي انعقدت خلال أكتوبر 2024 في بروكسل لترسيخ التعاون مع أوروبا على جميع المستويات».
وأضاف البديوي أن دول المجلس واصلت تعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع الدول الشقيقة والصديقة حيث عقدت العشرات من الاجتماعات الوزارية المشتركة عام 2024 مع الأشقاء والأصدقاء في العالم أجمع.
وبين أنه في مجال اتفاقيات التجارة الحرة تم تحقيق عدة إنجازات منها التوقيع في عام 2023 بالأحرف الأولى على اتفاقية تجارة حرة مع باكستان وكوريا الجنوبية والتوقيع في عام 2024 على بيان مشترك بشأن الانتهاء من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع نيوزيلندا.
وذكر أن الأمانة العامة تواصل الإعداد لعقد قمم استراتيجية مع دول الآسيان ودول آسيا الوسطى، كما تعززت علاقات مجلس التعاون عبر 17 خطة عمل و29 شراكة دولية إلى جانب توقيع 35 مذكرة تفاهم شملت العديد من المجالات.
وبيّن أن دول المجلس عززت تعاونها العسكري عام 2024 من خلال تنفيذ عدد من التمارين العسكرية المشتركة، متطلعا إلى عقد تمرين درع الجزيرة المشترك في دولة الامارات خلال عام 2026، لاسيما أن هذا التمرين هو نتاج مسيرة التعاون العسكري المشترك.
وقال إنه في المجال الأمني تم في عام 2024 اعتماد الاستراتيجية الخليجية الموحدة لمكافحة المخدرات واستكمال تنفيذ مشروع ربط الانظمة والمخالفات المرورية بنسبة إنجاز تصل الى 90 بالمئة، إضافة الى البدء بإعداد استراتيجية مكافحة غسل الاموال وتحديث الاستراتيجية الامنية واستراتيجية مكافحة التطرف والارهاب.
وأفاد بأنه في المجال الاقتصادي والتنموي تم تشكيل ثلاث لجان عالية المستوى هي لجنة للصناديق السيادية ولجنة للاستثمار ولجنة للتحريات المالية، إضافة الى اعتماد 12 وثيقة في شؤون الانسان والبيئة في عدد من المجالات كالتعليم والصحة والمرأة وذوي الإعاقة والتأمينات الاجتماعية والبلديات والإسكان والشباب والرياضة.
وأشار الى اعتماد 15 وثيقة في الشؤون الاقتصادية في عدد من المجالات فيما تم في مشروع الربط الكهربائي الخليجي تقديم الدعم في 135 حالة طارئة بشبكات الدول الاعضاء وبلغ الوفر الفعلي الذي تحقق للدول الأعضاء من عمليات شبكة الربط الكهربائي لعام 2023 نحو 257.81 مليون دولار، إضافة الى اعتماد 23 نظاما استرشاديا في المجال القانوني.
ورفع إلى مقام سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد أسمى معاني التقدير وأجلّ عبارات الامتنان لاستضافته الكريمة لهذه الدورة المباركة وتحت رئاسته الحكيمة التي ترسخ مسيرة التعاون وتغذي جذوره.
زيادة التلاحم
بدوره، أكد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في سلطنة عمان فهد آل سعيد أن انعقاد القمم الخليجية بانتظام يزيد التلاحم بين أبناء دول مجلس التعاون الخليجي، ويعزز من مكانة المجلس في المجتمع الدولي وقدرته على معالجة التحديات المشتركة وتحقيق المزيد من التقدم والازدهار لدوله كافة.
وأكد آل سعيد، في كلمته، عزم سلطنة عمان على مواصلة الجهود المشتركة في جميع مجالات التعاون لترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة والتفاعل مع القضايا الراهنة.
وتقدم بالشكر لسمو أمير البلاد على تولي رئاسة أعمال الدورة الحالية للمجلس الأعلى، معرباً عن تقديره لحفاوة الاستقبال وحسن الضيافة لأعمال الدورة الحالية للمجلس بالتوفيق والسداد.
وأشاد بالادارة المتميزة والموفقة لامير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد للدورة الـ 44 للمجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون، ونقل تحيات السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان وتمنياته الطيبة لهذه القمة بالنجاح والتوفيق.
واختتم كلمته بالشكر والتقدير للأمين العام وفريق العمل بالأمانة العامة لمجلس التعاون على الإعداد الجيد لهذه القمة، متمنيا لهم التوفيق والسداد الدائم لما تصبو إليه قيادات المجلس من تطلعات نحو مستقبل افضل.
وكان آل سعيد أشاد، في بيان صحافي لدى وصوله إلى دولة الكويت، بمنجزات مجلس التعاون منذ تأسيسه في العديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية والعلمية، قائلا إنه يتعين بذل المزيد من الجهود حفاظا عليها وتعزيزا للتعاون والتكامل بين الشعوب الخليجية التي يجمعها التاريخ المشترك.
وأضاف أن التطورات المتسارعة على الساحتين الإقليمية والدولية تقتضي تبادل وجهات النظر وصولا إلى رؤية موحدة لتنسيق المواقف وتحديد أفضل السبل للتعامل مع المستجدات والتحديات كي تتفرغ الدول لمواصلة مسيرتها التنموية الرامية إلى خدمة شعوبها وتلبية تطلعات الأجيال المتعاقبة.
وأكد دعم سلطنة عمان المتواصل لمسيرة مجلس التعاون الخيرة، معربا عن تقديره البالغ لدولة الكويت على ما تبذله من جهود في هذا المسار.
وفي ختام كلمة نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في سلطنة عمان، رفع سمو أمير البلاد الجلسة الافتتاحية للقمة، وبدأ قادة الدول الخليجية وممثلوهم مباشرة جلسة مغلقة لبحث الملفات والمشروعات المدرجة على جدول الأعمال، تمهيداً لإقرارها وإصدار البيان الختامي و«إعلان الكويت».
0 تعليق