حول ما يسمى بغناء القرآن!

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الثلاثاء 03/ديسمبر/2024 - 10:24 ص 12/3/2024 10:24:08 AM

الموضوع شديد الحساسية طبعا، لكنه صار طريقا مطروقا؛ ولقد قامت مجموعة من فرق الراب (يمكن الرجوع إلى المواقع الفنية المتخصصة للحصول على تعريف لهذا اللون الموسيقي الذائع) قامت بغناء سور من القرآن الكريم بالفعل، الغناء موجود على يوتيوب، ومشهور لغرابته، معظم التعليقات عليه معترضة ومستنكرة طبعا، بل وصفه كثيرون من المعلقين بالجنون والمؤامرة من الملحدين والاستعماريين مشوهي الحضارات، ولم ينطفئ حماس الذين يقفون ضد هذا الصخب المزعج الذي ليس دينا ولا فنا، ولا خليطا منهما، ولا شيئا يمكن تعريفه أساسا، بل تضاعف الحماس، وقد يكون الناس أيقنوا أن في الخفاء شيئا بغيضا يتم ترتيبه للتشويش على وحي الله تعالى إلى رسولهم الكريم وخلخلة عقيدتهم الراسخة! 
لم يسكت علماء الأزهر الشريف، ولكن حذروا من خطورة التغني بالقرآن، مؤكدين أن هذا النوع من التغني، أي المذكور آنفا، هو النوع المذموم، وقد نهت عنه الشريعة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث رواه أحمد وغيره أن هذا النوع من التغني بالقرآن من علامات الساعة، وهي مجيء نشء من القراء، يتخذون القرآن مزامير، ويقدمون الرجل، ليس بأفقههم ولا بأعلمهم، ما يقدمونه إلا ليغنيهم. أخيرا طالبوا بوقفة جادة من الأزهر الشريف وكافة الجهات المعنية، لهذه المهزلة التي ترتكب باسم القرآن. اهـ.
هكذا، مثالا، كما نشرت الصحف والمواقع، مما جرى على لسان الدكتور إبراهيم العشماوي، العضو بلجنة مراجعة المصحف الشريف بمجمع البحوث الإسلامية، وأحد علماء الأزهر، وكلامه جامع وواف بالشأن المرصود.
بالنظر إلى المسألة من جانب التطور الحياتي الشامل المتسارع في كل المجالات، بما فيها الموسيقى والغناء، قد نجد أن التجويد القرآني المشهور والمنتشر منذ قرون بعيدة (يؤرخون لبدايته بالقرن الثالث الهجري)، وله أعلامه في كل العصور، وكذلك الترنيم المسيحي والإنشاد التوراتي، قد نجد أنها كلها مرتبطة بالموسيقى، وطالما قال قراء القرآن الكبار الذين شهدناهم: "إن الدراية التامة بالمقامات الموسيقية مدخل ممتاز إلى  إتقان التجويد"!
أنا لا أجيز هنا فكرة غناء القرآن، حاشاي، ولا أملك الإجازة أصلا ولا حتى المنع، مقدار ما أبين أنها كانت واردة منذ القدم، وأن في الآفاق ما كان يدل على إمكانية

حدوثها؛ أقصد اعتماد التجويد القرآني على التنغيم الموسيقي في العمق، والتجويد، كما بينت آنفا، تشبهه الترانيم والإنشادات عند المسيحيين واليهود. 
مشكلة الفرق التي تصدت لغناء القرآن، بجانب استخدامها لمعازف الغناء العادي، هي هيئتها التي لا تناسب المقام، هيئتها الشيطانية تقريبا، وعدم مراعاتها لسمو الكتاب العظيم وجلاله، وهي تؤدي أداءها المتقافز المتشنج، ومادية أصحابها الظاهرة، وغموض أهدافهم التي لا يعرف أحد ما هي بدقة. لكنهم دعموا نشر أنوار الكتاب دعما هائلا، مع ذلك، ولم يطفئها جموحهم المستهجن. 
يمكن أن يحتوي التطور العام المتلاحق الجاري، ضمن ما يحتويه، صورا غنائية مقلقة، كالصورة المعروضة هنا نفسها، للقرآن وسائر الكتب المقدسة، لكننا سنبقى على مسافة شاسعة منها لاضطرابها وريبتها!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق