تحت أضواء الشهرة الساطعة، وقف وسط الهتافات، لكنه شعر بغربة لم يستطع إخفاءها.. أمس، كان صوتًا صارخًا يهاجم خصمه، أما اليوم فقد انقلب المشهد؛ صار في صفوفه، متذرعًا بالاحتراف والفرص.
لم تكن المشكلة في التغيير نفسه، بل في التخلي عن كل ما كان يمثله؛ وحين خطا إلى موقعه الجديد، لم يأتِ معه إلا الفوضى؛ شروخ خفية بدأت تظهر في المكان الجديد، كأن قيمه المهدورة انتقمت منه، لتذكّره أن النجاح بلا مبادئ قد يكون بداية السقوط.
في عالم الاحتراف، حيث يعلو صوت الإنجاز ويُصمت صوت الأخلاق، تبرز قصص تُظهر كيف يمكن للمصالح أن تزيح المبادئ جانبًا، وكيف تتحول القيم إلى مجرد شعارات تُستخدم وقت الحاجة وتُطوى في اللحظة التالية.
يبدو المشهد مألوفًا: شخص كان يومًا ما خصمًا شرسًا، بل لربما هاجم بقسوة كل ما يمثله الطرف الآخر! ثم يأتي يوم يقف فيه على الجانب المقابل، في صفوف من كان أمس عدوه، مُبررًا ذلك بأنه "الاحتراف"! لكن هل حقًا يمكن للاحتراف أن يكون ذريعة كافية للتخلي عن المبادئ؟
الاحترافية بلا أخلاق.. وصفة للفوضى
الاحترافية الحقيقية لا تعني مجرد إتقان العمل وتحقيق النتائج، بل تحمل في طياتها احترامًا للمبادئ والقيم.. عندما يطغى الجانب المادي أو المهني على الجانب الأخلاقي، فإن النتيجة تكون غالبًا كارثية.
في البيئة التي تتجاهل فيها القيم، تنتشر الفوضى وتنمو بذور الانقسام! فمن يتخلى عن ماضيه وقيمه بسهولة، قد لا يكون لديه ولاء حقيقي لأي جهة؛ وسرعان ما يتحول هذا الشخص إلى مصدر للاضطرابات والمشاكل، لأنه ببساطة لم يدخل المكان بروح تصالحية أو إيمان حقيقي بما يمثله.
المجتمع يتسم أحيانًا بالتسامح مع الأخطاء، ولكنه لا ينسى؛ من يهاجم شيئًا ثم يصبح جزءًا منه يُبقي دائمًا ظلالًا من الشك حول نواياه! التساؤل يصبح حاضرًا دائمًا: هل هذا الشخص موجود هنا لإيمان حقيقي بما يفعله، أم أن وجوده لأهداف أخرى؟
في النهاية، يمكن لأي إنسان أن يبرر أفعاله، ويمكن للمجتمع أن يقبل تلك التبريرات أو يرفضها.. لكن الحقيقة تبقى أن المبادئ ليست مجرد أدوات تُستخدم للوصول إلى القمة ثم تُترك جانبًا! إنها ما يبقى مع الإنسان عندما يواجه نفسه في المرآة، وهي ما يصنع منه شخصية تُحترم، حتى في أصعب الظروف.. الاحتراف لا يجب أن يكون عذرًا للتخلي عن القيم، بل على العكس، يجب أن يكون وسيلة لتجسيدها بشكل أكبر، لأنه في لحظات الصمت، ستدرك أن الاحتراف بلا قيم ليس إلا رحلة نحو فراغٍ لا يُملأ، وأن المبدأ الذي يُباع لا يمكن استعادته مهما علا التصفيق.
0 تعليق