إضاءة في كتاب.. السلطان عبد الحميد الثاني وفكرة الجامعة الإسلامية وأسباب زوال الخلافة العثمانية

العربية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

د. علي محمد الصّلابي

هذا الكتاب جزء من كتابي «الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط»، وقد أفردته من باب الفائدة وتسهيل وصول الحقائق التاريخية إلى المسلمين لعلهم يستخلصون منها الدروس والعبّر، ويستفيدون منها في صراعهم مع خصوم وأعداء الإسلام فهذا الكتاب يتحدّث عن الجهود العظيمة التي قام بها السلطان عبد الحميد الثاني خدمةً للإسلام، ودفاعاً عن دولته، وتوحيداً لجهود الأمة تحت رايته، وكيف ظهرت فكرة الجامعة الإسلامية في معترك السياسة الدولية في عهده، ويُفصّل الكتاب في الوسائل التي اتخذها السلطان عبد الحميد في تنفيذ مخططه للوصول إلى الجامعة الإسلامية، كالاتّصال بالدُّعاة، وتنظيم الطرق الصوفية، والعمل على تعريب الدولة، وإقامة مدرسة العشائر، وإقامة خط سكة حديد الحجاز، وإبطال مخططات الأعداء. ويُركّز الكتاب على جهود الصهيونية العالمية في دعم أعداء السلطان عبد الحميد الثاني كالمتمردين الأرمن، والقوميين البلقان، وحركة حزب الاتحاد والترقي، والوقوف مع الحركات الانفصالية عن الدولة العثمانية، وكيف استطاع أعداء الإسلام عزل السلطان عبد الحميد، وما هي الخطوات التي اتخذت للقضاء على الخلافة العثمانية، وكيف صُنع البطل المزيف مصطفى كمال، الذي عمل على سلخ تركيا من عقيدتها وإسلامها، وحارب التديُّن، وضَيَّق على الدُّعاة، ودعا إلى السُّفور والاختلاط. وفي نهاية الكتاب اهتم الباحث بالتركيز على أسباب سقوط الدولة العثمانية من المنظور القرآني، ويبيّن أنَّ أسباب السقوط عديدة منها انحراف الأمة عن مفاهيم دينها، كعقيدة الولاء والبراء، ومفهوم العبادة، وانتشار مظاهر الشرك والبدع، وظهور الطُّرق الصوفية المنحرفة كقوّة منظمة في المجتمع الإسلامي تحمل عقائد وأفكاراً وعبادات بعيدة عن كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وتحدّث عن خطورة الفِرق المنحرفة في إضعاف الأمة ومنها ، الدروز، والنصيرية، والإسماعيلية، والقاديانية، والبهائية، وغيرها من الفِرق الضالة المحسوبة على الإسلام. وتحدث الكتاب عن غياب القيادة الربانية كسبب في ضياع الأمة، وخصوصاً عندما يصبح علماؤها ألعوبة بيد الحكام الجائرين، ويتسابقون على الوظائف والمراتب ويغيب دورهم المطلوب منهم، وتحدث الكتاب عن الكيفية التي أصيبت بها العلوم الدينية في نهاية الدولة العثمانية بالجمود والتحجر، وكيف اهتم العلماء بالمختصرات والشروح والحواشي والتقريرات، وتباعدوا عن روح الإسلام الحقيقية المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، ورفض كثير منهم فتح باب الاجتهاد وأصبحت الدعوة لفتح بابه تهمة كبيرة تصل إلى الرمي بالكبائر، وتصل عند بعض المقلّدين والجامدين إلى حد الكفر، وتعرض الكتاب للظلم الذي انتشر في الدولة وما أصابها من الترف والانغماس في الشهوات وشدة الاختلاف والتفرق وما ترتب على الابتعاد عن شرع الله من آثار خطيرة، كالضعف السياسي، والحربي، والاقتصادي، والعملي، والأخلاقي، والاجتماعي، وكيف فقدت الأمة قدرتها على المقاومة، والقضاء على أعدائها، وكيف استُعمرت وغُزيت فكرياً، نتيجة لفقدها لشروط التمكين وابتعادها عن أسبابه المادية والمعنوية، وجهلها بسنن الله في نهوض الأمم وسقوطها، قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأعراف: 96].
إنَّ هذا الكتاب محاولة جادة لتسليط الأضواء على السلطان عبد الحميد الثاني وإزالة المغالطات والأكاذيب التي الصقت بسيرته، كما أنَّ هذا الكتاب يُذكّر القارئ المسلم بأهمية معرفة عوامل نهوض الدُّول وأسباب سقوطها لكي يستفيد منها في مسيرته الدعوية والحركية والعلمية وفي سعيه الحثيث لإعزاز دين الله ونصرته، وأرجو من الله تعالى أن يكون هذا العمل لوجهه خالصاً ولعباده نافعاً، وأن يُثيبني على كل حرف كتبته ويجعله في ميزان حسناتي، وأن يُثيب إخواني الذين أعانوني بكافة ما يملكون من أجل إتمام هذا الكتاب.
«سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين».
الفقير إلى عفو ربه ومغفرته ورحمته ورضوانه
 

إخترنا لك

0 تعليق