أكد خبراء فلسطينيون، أن هناك تقدمًا ملموسًا فى المفاوضات الجارية للتوصل إلى هدنة فى قطاع غزة، وإتمام صفقة للإفراج عن الأسرى والمحتجزين من الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى، بعد الجهود المصرية الجبارة التى بُذلت طوال الفترة الماضية لتجاوز نقاط الخلاف فى المفاوضات، وتذليل أى عقبات تواجهها.
ورأى الخبراء الفلسطينيون، فى حديثهم مع «الدستور»، أن الهدنة فى غزة أصبحت قريبة، ما لم يحدث أى طارئ أو تعنت إسرائيلى يعيد الأمور إلى المربع الأول، مشيرين إلى أن القصف الإسرائيلى لا يزال مستمرًا رغم تقدم المفاوضات، مع استمرار تفاقم الأوضاع الإنسانية، وغياب جميع الخدمات والسلع الأساسية، ومنع دخول المساعدات وفرض المجاعة على الأهالى.
ثائر أبوعطيوى: تقدم ملموس فى المفاوضات.. ومصر تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه
اعتبر ثائر أبوعطيوى، الكاتب الصحفى الفلسطينى، أن هناك تطورات ومستجدات غير مسبوقة تحدث على مستوى مفاوضات التهدئة بين إسرائيل وحركة «حماس»، نتيجة جهود مصرية مكوكية، فى ظل إدراك مصر أهمية الوصول هذه المرة إلى مفاوضات تقود لإنجاز حقيقى، وسط دعم عربى لهذه الجهود، وجولات متواصلة من المبعوثين الأمريكيين من أجل نفس الهدف. وقال «أبوعطيوى» إن سير العملية التفاوضية لصفقة التهدئة، واجتماعات مصر بجميع الأطراف ذات الصلة، ومنها الحركات الفلسطينية، كلها دلائل ومؤشرات واضحة تؤكد أن المفاوضات التى تحتضنها القاهرة لا بد أن تتوج بشىء ملموس على أرض الواقع.
وأضاف الكاتب الصحفى الفلسطينى: مفاوضات القاهرة تُبشر بنجاح تقدم المفاوضات على كل المستويات، عبر سد الفجوات ونقاط الاختلاف التى استمرت فى مراحل المفاوضات السابقة، مع إمكانية إزالة جميع العراقيل والعقبات بشكل كبير بين الأطراف، التى تتعلق بها صفقة التفاوض، ومن هنا تبدأ بوادر الأمل لنجاح التفاوض، والوصول إلى صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين قبل بداية العام الجديد. وواصل: «هناك ضغوطات عربية وعالمية عملت على وضع النقاط فوق الحروف، من خلال التواصل المباشر والمستمر مع حركة (حماس) وإسرائيل، والإدارة الأمريكية الحالية والمقبلة، وبيان أهمية الوصول لهدنة إنسانية مؤقتة قريبة وعاجلة، بالتزامن مع تحرك الشارع والرأى العام الإسرائيلى، بالإضافة إلى مطالبة العديد من وزراء حكومة نتنياهو بإبرام صفقة لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين فى قطاع غزة».
وأكمل: «الشارع الفلسطينى عمومًا متعطش لسماع أخبار سارة، عنوانها هدنة إنسانية مؤقتة، تقود بعدها لحل شامل ووقف الحرب بشكل دائم ونهائى فى قطاع غزة، نظرًا للأوضاع الإنسانية والمأساوية التى يعيشها أكثر من مليون ونصف المليون نازح ومشرد من أهالى القطاع، فى الخيام ومراكز الإيواء، ووسط ظروف إنسانية مأساوية، تخيرهم بين الموت قصفًا من طائرات ودبابات الاحتلال، والموت جوعًا ومرضًا وبردًا، نظرًا لإغلاق المعابر والحصار، وحالة التجويع المتعمدة التى تفرضها إسرائيل، وكل هذا يجعل وسطاء التفاوض يدقون ناقوس الخطر هذه المرة بشكل أكبر وأكثر استمرارًا».
وتابع: «لا بد هنا من الإشارة إلى تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى التى تكشف عن روح المسئولية والقيادة العربية الملتزمة بالدفاع عن الشعب الفلسطينى، من خلال تأكيده على ضرورة إنجاز صفقة التبادل فى أقرب وقت ممكن، نظرًا للأحداث المتسارعة التى تدور فى المنطقة، والخوف من انزلاق الأوضاع إلى مستنقع الاشتباك والاقتتال والمواجهة الفعلية، التى يمكن أن تفجر حالة الصراع فى الشرق الأوسط».
وقال الكاتب الصحفى الفلسطينى: «صفقة التبادل، ووفقًا للأخبار الواردة والمتتالية على مدار الساعة، على العديد من الوسائل الإعلامية العربية والعالمية والإسرائيلية، باتت قاب قوسين أو أدنى، خاصة إذا لم يحدث أى طارئ جديد يغير من مجريات الأمور ويقلب الموازين، ويعيد الأمور إلى المربع الأول من مراحل التفاوض». وأضاف: «مصر تبذل جهودًا لا توصف، وتواصل الليل بالنهار من أجل تقدم مسار التفاوض إلى الأمام دون تراجع، لتكون الهدنة الإنسانية المؤقتة جاهزة للتطبيق، ويتم الإعلان عنها خلال الأيام المقبلة». وكشف عن موافقة حركة «حماس» على ترحيل كبار الأسرى الفلسطينيين أصحاب الأحكام العالية، والذين سيتم الإفراج عنهم بموجب الصفقة إلى خارج الأراضى الفلسطينية، ربما إلى إيران أو قطر أو تركيا، لكن إسرائيل ما زالت تتحفظ على مبدأ الإفراج عن القادة والرموز الوطنية الفلسطينية.
وواصل: «كل ما سبق يؤشر إلى حدوث اختراق نوعى وجديد ومهم لضمان سير المفاوضات بعجلة متسارعة، ضمن توافق جميع الأطراف ذات العلاقة على أهمية الوصول إلى اتفاق يؤدى إلى هدنة إنسانية مؤقتة، تتراوح مدتها بين ٤٢ و٦٠ يومًا، خاصة أن القضايا الخلافية السابقة بين حماس وإسرائيل، والتى أعاقت عملية التفاوض، تم تجاوزها من خلال ضغط الوسطاء». وأكمل: «مع استمرار وصول وفود التفاوض إلى القاهرة، فإننا كفلسطينيين نستبشر بمجريات عملية التفاوض، لأنها بوابة الأمل للحياة، والبديل عن الموت المجانى فى كل لحظة، والذى يستهدف المواطنين والنازحين فى غزة، ولعل الهدنة المؤقتة تكون مفتاح الحل وبوابة العبور لوقف الحرب بشكل دائم ونهائى، خاصة بعد ما بذله الوسطاء فى مصر وقطر من جهود جبارة لإزالة أى عراقيل».
واختتم حديثه بتوجيه الشكر والعرفان لجميع جهود الوساطات العربية وغير العربية، وعلى رأسها مصر التى بذلك جهودًا جبارة ومكثفة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
كمال الرواغ: نتنياهو يعطل الصفقة لضمان بقائه فى السلطة
أكد كمال الرواغ، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، أن أهالى قطاع غزة ينتظرون الإعلان عن وقف إطلاق النار بفارغ الصبر، فى ظل المعاناة والمجازر المستمرة منذ أكثر من عام.
وأضاف «الرواغ»: «أعتقد جازمًا أن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لا يريد تنفيذ هذه الصفقة رزمة واحدة، بل يريد صفقة جزئية يتم فيها إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين على مراحل، بما يضمن له عدم وقف الحرب، ويعود إليها متى يشاء، لكى يرضى اليمين الصهيونى المتطرف، الذى لا يريد ذلك قبل أن يستولى على أراضى الضفة الغربية، دون تجمعات المدن الفلسطينية».
وواصل: «نتنياهو أيضًا لا يريد أن تنتهى الحرب دون تنازلات عربية، بما يضمن له التطبيع مع السعودية. كما لا يريد أن ينهى الحرب بدون تهيئة الجبهة الداخلية لصالحه فى الانتخابات القادمة، ودخول الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ليحقق نتنياهو إنجازات فى ولايته، تضمن له البقاء فى السلطة».
جهاد ملكة:التنفيذ على عدة مراحل وصولًا إلى الانسحاب الإسرائيلى الكامل
قال الدكتور جهاد ملكة، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، إن جلسات التفاوض، التى تجرى بصورة ماراثونية مع الأطراف الإسرائيلية والأمريكية، والوسطاء المصريين والقطريين، تنصب على إخراج مفاوضات التهدئة وصفقة الإفراج عن الأسرى والمحتجزين من مأزقها، للتوصل إلى وقف إطلاق النار، مؤكدًا أن هناك تقدمًا ملموسًا فى المفاوضات. وأضاف «ملكة»: «إسرائيل تركز فى مطالبها على إعادة ٣٤ من محتجزيها فى قطاع غزة، مقابل استعدادها للانسحاب من الأماكن المكتظة بالسكان فى القطاع، والانسحاب الجزئى من محورى نتساريم وفيلادلفيا (صلاح الدين)، وتسليم معبر رفح للسلطة الفلسطينية، حسب اتفاق ٢٠٠٥، الذى يسمح بفتح المعبر مع وجود البعثة الأوروبية، وهدنة لمدة ٤٢ يومًا كمرحلة أولى». وواصل: «المرحلة الأولى من مقترح التهدئة تشتمل على الإفراج عن النساء والأطفال وكبار السن الإسرائيليين، فى مقابل الإفراج عن عدد جيد من الأسرى الفلسطينيين من ذوى الأحكام العالية والمؤبدات، وإدخال المساعدات وآليات ومعدات وترميم المستشفيات وبعض المرافق العامة». وأكمل: «المرحلة الثانية تتضمن الانسحاب بشكل كامل من قطاع غزة، مع الإعلان عن وقف إطلاق النار، مقابل تبادل الأسرى الإسرائيليين من الجنود الرجال، وبالتوازى يتم إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين».
وتابع: «مفاوضات الصفقة ما زالت مستمرة، وتحتاج إلى وقت ربما يطول لما بعد رأس السنة الجديدة، لأن فيها كثير من التفاصيل، وربما تقصر المدة لأقل من ذلك، لأن الجميع يضغط لإتمامها». واختتم بقوله: «أغلب التسريبات، حول موعد الصفقة واقترابها، تسريبات منظمة، الهدف منها ليس بريئًا، خاصة عندما تأتى هذه التسريبات من الجانب الإسرائيلى، الذى لا يفعل شيئًا عبثيًا، بل لأمر يخدم مصالحه».
عامر الفرا:القصف الإسرائيلى مستمر رغم تقدم المباحثات
على صعيد التطورات الميدانية والحرب المستمرة على غزة، قال الإعلامى الفلسطينى عامر الفرا، إن تقدم المفاوضات يأتى وسط استمرار القصف الإسرائيلى على مختلف أنحاء القطاع لأكثر من ٤٤٠ يومًا. وأضاف «الفرا»: «إسرائيل تواصل قصفها الجوى والمدفعى على مختلف مناطق قطاع غزة، وارتكبت العديد من المجازر، خاصة فى شمال القطاع، نتيجة استهدافها عدة منازل تؤوى نازحين، وسط انتشار جثامين عشرات الشهداء، وفقدان العشرات تحت الأنقاض، مع محاولة طواقم الإسعاف والدفاع المدنى انتشال الجثامين العالقة، رغم صعوبة ذلك بسبب قلة الإمكانات».
وواصل: «القصف الإسرائيلى المدفعى والجوى مستمر حتى اللحظة على وسط قطاع غزة، ما أدى إلى ارتقاء العشرات، ومعظمهم من النساء والأطفال، بالتزامن مع استمرار غلق المعابر ومنع إدخال المساعدات والبضائع، الأمر الذى أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية فى غزة، حتى أصبح المواطنون لا يجدون قوت يومهم، بعد نفاد السلع الأساسية وعلى رأسها الخبز».
وأكمل: «الأزمة مستمرة أيضًا فى ظل معاناة الفلسطينيين من أهالى قطاع غزة فى الحصول على المياه الصالحة للشرب، نتيجة تعطل جميع آبار المياه، بعد استهدافها من قبل الاحتلال الإسرائيلى، فضلًا عن محطات الكهرباء». وتابع: «الكهرباء مقطوعة منذ بداية الحرب، والحصول على المياه أصبح مهمة شبه مستحيلة، والمنظومة الصحية انهارت تمامًا بعد خروج مستشفيات القطاع عن الخدمة، خاصة مستشفى كمال عدوان، الذى يشهد، وبشكل يومى، اعتداءات من قبل قوات جيش الاحتلال الإسرائيلى».
واختتم حديثه بالقول: «كل تلك الأوضاع المزرية تتزامن مع حراك سياسى دولى يقوده الوسطاء، وعلى رأسهم مصر الشقيقة، التى تحاول وتكثف من اتصالاتها للوصول إلى هدنة، باتت قريبة من التنفيذ».
0 تعليق