قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية، اليوم السبت، إن حرب غزة المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023 أشعلت الخلافات بين العلماء بشأن تعريف الإبادة الجماعية، مشيرة إلى أن التقارير الجديدة الصادرة عن جماعات حقوق الإنسان تستخدم هذا المصطلح لوصف هجوم الاحتلال الإسرائيلي على القطاع منذ أكثر من عام.
ويمثل تقريران نشرتهما منظمتي "العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" هذا الشهر مساهمة كبيرة في النقاش المحتدم حول كيفية توصيف حرب قتلت أكثر من 45 ألف فلسطيني ودمرت غزة.
دلائل ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة
ووجدت التقارير الأولى أن إسرائيل ترتكب "إبادة جماعية"، بينما التقارير الثانية رأت أنها "أعمال إبادة جماعية" لذا من غير المرجح أن تهدئ الانقسامات العميقة في المجال الأكاديمي لدراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية، والتي يدرس علماؤها العنف الجماعي.
وأوضحت الصحيفة أن التناقض في هذا التخصص هو جوهر التوتر، مما يخلق انقسامًا بين من يعتقدون أن الهولوكوست كان حدثًا فريدًا ومن يؤمنون بوجهة نظر مقارنة.
وظهرت الانقسامات في مؤتمر حول "الدروس والإرث" من الهولوكوست الذي عقد في براغ العام الماضي، بعد شهر واحد من هجمات حماس في السابع من أكتوبر وبعد أن قتلت إسرائيل أكثر من 10000 شخص في غزة، وقد اندلع جدال عندما غضب علماء مؤيدون لإسرائيل من زميل أدان الهجوم الإسرائيلي. وعندما برر العلماء ذلك بالاستعانة بالإرهاب، رد أحدهم بأن "الإبادة الجماعية أسوأ من الإرهاب".
قال العديد من العلماء لصحيفة الجارديان إن هناك خوف وسط صفوفهم من عواقب انتقاد إسرائيل أو وصفهم بالمدافع عنها ما جعل المشاركة الصادقة صعبة في توصيف وتعريف ما يحدث في غزة.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تزايدت الأصوات التي تصف تصرفات إسرائيل بأنها "إبادة جماعية" جنبًا إلى جنب مع حصيلة القتلى والدمار في غزة، وبالفعل في ينايرالماضي وجدت محكمة العدل الدولية "خطرًا معقولًا" للإبادة الجماعية.
ولا يوجد إجماع واضح بشأن ما يجري في غزة وفق الصحيفة، في حين أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إلا أنها لم توجه اتهامات بالإبادة الجماعية حتى الآن.
ونشأ مجال دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية في أعقاب الإبادة الجماعية لليهود خلال الحرب العالمية الثانية. وتوسع في التسعينيات استجابة لمزيد من حالات العنف الجماعي، بما في ذلك الإبادة الجماعية في البوسنة ورواندا كان هذا التوسع مثيرًا للجدل بالنسبة للبعض، ولا يزال الخلاف قائمًا.
العلماء يخشون وصف حرب غزة بإبادة جماعية بسبب إسرائيل
وقال راز سيجال، المؤرخ الإسرائيلي المقيم في الولايات المتحدة وأحد أوائل الباحثين في الهولوكوست الذين وصفوا تصرفات إسرائيل بأنها "حالة إبادة جماعية نموذجية"، بعد أيام من السابع من أكتوبر، إن التردد يشير إلى "أزمة هائلة في الميدان العلمي".
فيما قال نورمان جودا، أستاذ دراسات الهولوكوست في جامعة فلوريدا الذي رفض الاتهامات الموجهة إلى إسرائيل بارتكاب الإبادة الجماعية، إن السابع من أكتوبر ورد إسرائيل على ذلك أظهرا "مشاكل لم تحل" حول لغة معاداة السامية والإرهاب والاستعمار والإبادة الجماعية، وهو يعتقد أن الاستنتاج الذي توصل إليه العديد من زملائه يخفي أجندة.
وأضاف جودا: " استُخدمت مثل هذه الاتهامات بالإبادة الجماعية منذ فترة طويلة كغطاء لتحديات أوسع نطاقًا لشرعية إسرائيل. وبهذا المعنى قللوا من خطورة كلمة الإبادة الجماعية نفسها".
وقالت ماريان هيرش، الأستاذة المتقاعدة في جامعة كولومبيا إن الحرب في غزة أدت إلى "تقسيم المجال العلمي" بشكل لم يحدث من قبل والتي يرتبط مجالها، الذاكرة المؤلمة، بدراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية فهناك تمزقات، سواء على المستوى الشخصي أو الفكري.
وتلعب الأزمة أيضًا ضد تحدٍ أوسع في العديد من الجامعات، وخاصة في الولايات المتحدة، حيث أصبحت الحرب في غزة ذريعة لقمع الحرية الأكاديمية وفي ظل مناخ من الخوف، يحتفظ العديد من العلماء ذوي الآراء الدقيقة بآرائهم لأنفسهم، وذلك بحسب عمر بارتوف، الأستاذ الإسرائيلي الأمريكي لدراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية في جامعة براون.
0 تعليق