قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، إن الغرب بدأ يختبر قادة سوريا الجدد، مشيرة إلى أن دبلوماسيين أمريكيين كبار زاروا دمشق بينما تدرس الولايات المتحدة وأوروبا رفع العقوبات المفروضة على الحكومة الانتقالية التي شكلتها هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة بقيادة أحمد الشرع/أبو محمد الجولاني.
ووفق الصحيفة تحاول أوروبا والولايات المتحدة التعامل مع خيار محرج في سوريا وهو العمل مع الإسلاميين الذين تم تصنيفهم منذ فترة طويلة كإرهابيين في الغرب أو المخاطرة بالتنازل عن النفوذ للدول التي ستفعل ذلك وتتعامل معهم.
التعامل مع الإرهاب.. معضلة الغرب في سوريا ما بعد الأسد
وأشار التقرير إلى أنها معضلة مألوفة طرحتها في الماضي صعود حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان، فيما اتخذ دبلوماسيون من واشنطن والعواصم الأوروبية خطواتهم الأولى في دمشق هذا الأسبوع، محاولين تقييم ما إذا كان بإمكانهم الثقة في الحكومة الانتقالية الناشئة التي تشكلها هيئة تحرير الشام، الجماعة التي قادت تحالف الفصائل التي أطاحت بنظام بشار الأسد.
وتشكلت هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة الجماعة المسلحة كفرع من تنظيم القاعدة، وكان زعيمها أحمد الشرع/ الجولاني، فيما بدت القوى الغربية حذرة قبل رفع العقوبات ضد هيئة تحرير الشام وسوريا، حيث يبحثون عن التزامات بالتخلص من الأسلحة الكيميائية المتبقية من حكم الرئيس السابق بشار الأسد، وحماية النساء والأقليات ومحاربة المتطرفين مثل تنظيم داعش الذي قد يزدهر في فراغ السلطة في سوريا كما يريدون إعادة بعض الملايين من اللاجئين السوريين الذين فروا من الحرب، وذلك وفق الصحيفة.
وتابعت: "لكن الدول الغربية لا تريد أن تقع الحكومة السورية الجديدة تحت سيطرة قوى أخرى لها مصالح هناك مثل روسيا وإيران".
وقال جوليان بارنز ديسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن الدول الغربية تتوصل بسرعة إلى استنتاج مفاده أنها مضطرة إلى التعامل مع هيئة تحرير الشام على الرغم من إدراجها على قائمة الإرهاب.
واشنطن تقبل بهيئة تحرير الشام
والتقت باربرا ليف، المسؤولة العليا في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، والمبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن روجر كارستينز، بالشرعة في دمشق أمس الجمعة في أول زيارة يقوم بها دبلوماسيون أمريكيون إلى العاصمة السورية منذ انهيار نظام الأسد في الثامن من ديسمبر الجاري.
وقالت ليف للصحافيين إن الشرع ملتزم بمنع الجماعات الإرهابية من تشكيل تهديد لسوريا أو الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين واستنادًا إلى ذلك، قالت إن الولايات المتحدة قررت إسقاط مكافأة قدرها 10 ملايين دولار وضعتها عليه قبل عدة سنوات، فيما تحتفظ الولايات المتحدة بنحو 2000 جندي في سوريا لاحتواء تنظيم داعش وغيره من الجماعات المتطرفة.
تباين أوروبي بشأن التعامل مع هيئة تحرير الشام
كما زار دبلوماسيون من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا دمشق هذا الأسبوع وقال دبلوماسي أوروبي إن هيئة تحرير الشام أوضحت أنها تحاول دفع النفوذ الإيراني خارج البلاد وتتطلع إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة القائمة بمساعدة السوريين في الشتات، بدلًا من استبدالها من الصفر.
وقال الدبلوماسي الأوروبي إن قادة سوريا الجدد من المرجح أن يرتكبوا أخطاء بسبب قلة خبرتهم في الحكم لكنهم يبدو أنهم يركزون على إعادة الإعمار، فيما قال دبلوماسي بريطاني التقى بالهيئة إن المسؤولين البريطانيين يشعرون بأن المتمردين السابقين يريدون الإصلاح ولا يريدون إدارة دولة استبدادية، لكنهم قلقون بشأن ما إذا كانت هيئة تحرير الشام ستفعل ما تقوله بالفعل.
وتواجه هيئة تحرير الشام مهام هائلة وستحتاج إلى دعم دولي وأموال لإعادة بناء البلاد وحكومتها وإعادة تشغيل الاقتصاد وإعادة توطين ملايين اللاجئين كما تتفاوض المجموعة، التي تتحالف على نطاق واسع مع تركيا، مع روسيا بشأن وجود قواعد عسكرية مهمة لموسكو على الساحل السوريا كما تشترك سوريا في حدود متقلبة مع إسرائيل، التي نشرت قوات على الأراضي السورية ودمرت الكثير من الأصول العسكرية للبلاد بحملة قصف بعد سقوط نظام الأسد.
ومن بين أكبر المهام التي تواجه الدول الغربية تقييم ما إذا كان ينبغي لها رفع العقوبات المفروضة بعد بدء الحرب الأهلية في عام 2011 وإزالة تسمية الإرهاب عن هيئة تحرير الشام.
وقال وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة كانت على اتصال مباشر مع هيئة تحرير الشام منذ استيلائها على السلطة وحث هيئة تحرير الشام على إدخال حكومة معتدلة وشاملة وغير طائفية.
فيما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الخميس إنه من السابق لأوانه القول ما إذا كانت القيادة الجديدة ستكون قادرة على تقديم ما وعدت به.
وقالت فون دير لاين في وقت سابق من هذا الأسبوع إن الاتحاد الأوروبي سيساعد في استعادة الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه وزاد المساعدات إلى أكثر من 160 مليون يورو، أو حوالي 166 مليون دولار، لهذا العام وقالت إن من المتوقع وصول أول سلع إنسانية يتم إرسالها عن طريق الجو هذا الأسبوع.
فيما رفعت فرنسا علمها في مجمع دبلوماسي مهجور بعد بدء الحرب الأهلية السورية في عام 2011، وتدفع بعض الدول الأعضاء، بما في ذلك هولندا، الاتحاد الأوروبي إلى ربط استعادة العلاقات بإجراءات من جانب السلطات السورية الجديدة للحد من أو إنهاء وجود القوات والقواعد الروسية في سوريا.
0 تعليق