وسط أجواء مشحونة بالتوتر والعنف، تجد أرواح آلاف الفلسطينيين والإسرائيليين نفسها معلقة بخيط رفيع، فيما تستمر المفاوضات المضنية بين حركة حماس وإسرائيل للوصول إلى اتفاق شامل يضع حدًا لإطلاق النار، ويتضمن صفقة لتبادل الأسرى.
وعلى الرغم من الجهود الدولية المكثفة، إلا أن تحقيق اختراق حقيقي يظل عائقًا أمام حل دائم لهذا الصراع الذي طال أمده.
غزة: حصار خانق وآثار اقتصادية كارثية
لا تقتصر تداعيات هذا الصراع على الخسائر الإنسانية فحسب، بل تمتد لتشمل انهيارًا اقتصاديًا غير مسبوق. الحصار الإسرائيلي المستمر، إلى جانب جولات العنف المتكررة، أديا إلى تدمير بنية القطاع الاقتصادية، مما جعل سكان غزة يعانون من بطالة متفشية وفقر مدقع. وبينما تسعى الأطراف المتنازعة إلى الوصول لاتفاق، تظل إعادة إعمار القطاع وتنشيط الاقتصاد تحديًا كبيرًا يتطلب إرادة دولية حقيقية.
عقبات تفاوضية وأطروحات متباينة
تجري المفاوضات بوساطة دولية لتحقيق هدنة مستدامة وصفقة تبادل للأسرى، لكن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعكس تصلبًا في المواقف. فقد أكد مؤخرًا أن الحرب لن تنتهي قبل القضاء على حركة حماس، ما يزيد من تعقيد المشهد التفاوضي.
صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أشارت إلى أن إسرائيل قدمت قائمة بأسماء 34 محتجزًا للإفراج عنهم كمرحلة أولى، لكن 11 منهم لا يطابقون معايير حماس. وتشير المناقشات الحالية إلى تركيز على ما يُعرف بـ”القائمة الإنسانية”، التي تشمل مرضى وكبار سن وأطفال. بالمقابل، تتمسك حماس بالإفراج عن 250 أسيرًا فلسطينيًا، مع استثناء القيادي مروان البرغوثي من القائمة.
صفقة الأسرى بين الأطوار الثلاثة
الصفقة المقترحة تُقسم إلى ثلاث مراحل رئيسية:
المرحلة الأولى: تشمل الإفراج عن المحتجزين ذوي الحالات الإنسانية الحرجة.
المرحلة الثانية: تركز على إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين، لكنها تصطدم بتعنت إسرائيلي.
المرحلة الثالثة: تهدف إلى إعادة جثث القتلى، وهي الأكثر تعقيدًا نظرًا لحساسية الملف.
انتقادات داخلية وتوترات متزايدة
تصريحات نتنياهو حول استمرار الحرب أثارت غضب عائلات المحتجزين الإسرائيليين، حيث اعتبروا موقفه عائقًا أمام التوصل لاتفاق. في المقابل، يظل ملف الترحيل قضية شائكة، حيث أبدت حماس استعدادها لترحيل بعض الأسرى إلى دول ثالثة، بينما تصر إسرائيل على شروط صارمة.
معابر وجبهات جديدة للنقاش
النقاشات تمتد لتشمل قضايا أخرى، مثل فتح معبر رفح، وانسحاب القوات الإسرائيلية من محور نتساريم، والسماح بعودة النازحين إلى شمال القطاع. كما يتطرق الجانبان إلى شروط الانسحاب التدريجي من ممر فيلادلفيا وإنشاء منطقة عازلة، مما يعكس تعقيدات إضافية في الطريق نحو أي اتفاق نهائي.
أمل في الأفق أم سراب تفاوضي؟
في بيانها الأخير، أكدت حماس أن “احتمال التوصل إلى اتفاق أصبح أقرب من أي وقت مضى، إذا توقفت إسرائيل عن فرض شروط جديدة”. يأتي ذلك عقب اجتماع حاسم بين وفد حماس وممثلين عن حركات الجهاد والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
في هذا السياق، نقلت “بي بي سي” عن مسؤول فلسطيني أن المحادثات اكتملت بنسبة 90%، لكن القضايا المتبقية تتعلق بممر فيلادلفيا وإمكانية إنشاء منطقة عازلة، ما يجعل الحسم النهائي رهين تنازلات متبادلة قد تكون صعبة المنال.
العالم يترقب
بين أروقة التفاوض وضجيج الصواريخ، تبقى الأعين متجهة نحو غزة بانتظار لحظة انفراج تنهي سنوات من المعاناة. فهل ستنجح الأطراف في تجاوز خلافاتها وتحقيق هدنة تضمن سلامًا مستدامًا؟ أم أن الصراع سيبقى مفتوحًا على مصير مجهول؟
0 تعليق