يشير مصطلح حوكمة الشركات إلى نظام متكامل يتضمن القوانين والسياسات، والإجراءات، والآليات التي توجه إدارة وتشغيل تلك المؤسسات بهدف تحقيق الشفافية والعدالة والمساءلة، وتحسين الأداء المالي والتشغيلي.
وتؤدي الحوكمة وفقاً لهذا المفهوم دوراً حيوياً في جذب الاستثمارات وتحسين الأداء الاقتصادي، وهو ما تسعى اليه الكويت، ولقد قطعت في طريق الوصول إليه شوطاً كبيراً في إعداد البنية التشريعية خلال السنوات الأخيرة، لتمكين الحوكمة وتعزيزها.
وفي هذا الإطار، يرتكز نظام حوكمة الشركات في الكويت على مجموعة من القوانين، في مقدمها قانون الشركات، وما طرأ عليه من تحديثات، وهو بمثابة حجر الزاوية في تنظيم إدارتها، اذ يضع إطاراً واضحاً للمسؤوليات والصلاحيات الموكلة إلى مجالس الإدارات، والإدارات التنفيذية، ويحدد حقوق المساهمين، وآليات اتخاذ القرار داخل الشركات.
شهد قانون الشركات عدداً من التعديلات التي تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال، وتسهيل إجراءات تأسيسها، من خلال تبسيط المستندات المطلوبة لتأسيس الشركات ذات المسؤولية المحدودة، وكذلك المساهمة.
وإدخال أنظمة جديدة للرقابة الداخلية لضمان الشفافية والحوكمة الجيدة، إضافة إلى تشديد العقوبات على المخالفات المتعلقة بعدم الامتثال للإفصاحات الإلزامية والحوكمة، وتحديث لوائح الرقابة والتفتيش لتواكب التطورات الحديثة في بيئة الأعمال، وقد حقق القانون بتعديلاته توازناً نوعياً بين تسهيل تأسيس الشركات من جهة وضمان الحوكمة السليمة، والامتثال للقوانين من جهة أخرى.
أما قانون هيئة أسواق المال فينظمها، ويضع قواعد الحوكمة الإلزامية على الشركات المدرجة في البورصة، التي تهدف أيضا إلى ضمان التزام المعايير الدولية للحوكمة، ومنها ما يتعلق بالتمثيل العادل للمساهمين في قرارات الشركة، وتعزيز ممارسات الإفصاح والشفافية.
ومن القوانين ذات الصلة قانون الإفلاس، وقانون مكافحة غسل الأموال، اذ يسهم القانونان في تعزيز البيئة التشريعية المرتبطة بحوكمة الشركات، سعياً الى تعزيز الشفافية، وضمان وضوح الأنشطة والسياسات داخل الشركات، على وجه يحد من الفساد الإداري والمالي، ويحمي حقوق المساهمين، ويضمن حصولهم على المعلومات الصحيحة، وهو ما يخلق بالأخير بيئة جاذبة للاستثمارات؛ حيث إن التزام الشركات بمعايير الحوكمة هو بمثابة رسائل إيجابية للمستثمرين المحليين أوالدوليين.
ورغم ذلك لا يمكننا إغفال وجود بعض التحديات التي تواجه الشركات في الوقت الحالي في تطبيق ممارسات الحوكمة، ويتعلق أبرزها بنقص الوعي بأهميتها، مما ينتج عنه عدم الالتزام الكامل بالقوانين واللوائح، إلا انه وبحكم عملنا المهني القانوني في قطاعي التجارة والاستثمار، أرى ان ذلك مسألة وقت، وستدفع التغيرات السريعة في بيئة الأعمال الشركات، نحو مزيد من الإدراك لأهمية الالتزام بمعايير الحوكمة، وخصوصا مع نية الحكومة الاستمرار في تحديث التشريعات الاستثمارية في البلاد، بما يتماشى مع المعايير الدولية.
محام، كاتب كويتي
0 تعليق