فى الثامنة مساء اليوم، تدق أجراس الكنائس التى تتبع التقويم الغربى فى مصر وسوريا وبيت لحم إيذانًا ببدء قداس عيد الميلاد المجيد، وعلى رأس تلك الكنائس: الأقباط الكاثوليك والأرمن الكاثوليك والسريان الكاثوليك والأرثوذكس، والكلدان، والأنجليكانية الأسقفية، على أن يحتفل أبناؤها بالعيد، بعد اليوم
وبالتزامن مع عيد الميلاد المجيد وفقًا للتقويم الغربي وجع رؤساء الكنائس المسيحية:
اذ وجه غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للّاتين رسالة عيد الميلاد المجيد 2024 قائلًا: أصبح عِيدُ مِيلَادِ الرَّبِّ وشيكًا، وَكَمَا فِي كُلِّ عَامٍ، نَسْعَى أَنْ يَكُونَ هَذَا العِيدُ، رَغْمَ كُلِّ التَّحَدِّيَاتِ، لَحْظَةً مِنَ السَّلاَمِ وَالفَرَحِ وَالأَمَلِ. وَفِي هَذَا العَامِ، يُشِيرُ عِيدُ المِيلَادِ أَيْضًا إِلَى بَدَايَةِ السَّنَةِ اليُوبِيلِيَّةِ، سَنَةٍ مُكَرَّسَةٍ لِلرَّجَاءِ. وَنَحْنُ فِي أَمَسِّ الحَاجَةِ إِلَى هَذَا الرَّجَاءِ فِي عَالَمٍ يَعْصِفُ بِهِ العُنْفُ، وَالكَرَاهِيَةُ، وَالإِهَانَةُ، وَالخَوْفُ.
إِنَّ رُعاةَ بَيْتِ لَحْمٍ الَّذِينَ يَتَحَدَّثُ عَنْهُمْ الإِنْجِيلُ يُرْشِدُونَنَا إِلَى السَّبِيلِ الَّذِي مِنْ خِلَالِهِ يُمْكِنُنَا استِعَادَةُ الرَّجَاءِ. الْمَلِكُ الَّذِي أَعْلَنَ عَنْ وِلَادَةِ يَسُوعَ لِلرُّعَاةِ اسْتَخْدَمَ تَعْبِيرًا يَحْمِلُ عُمْقًا عَظِيمًا: فَقَدْ قَالَ إِنَّ الْمُخَلِّصَ وُلِدَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ، وَأَنَّ هَذَا الْمُخَلِّصَ وُلِدَ "لَكُمُ" (لُوقَا 2: 11). تَبْدَأُ حَيَاةُ يَسُوعَ لِتَكُونَ حَيَاةً مُبَذُولَةً مِنْ أَجْلِ الْآخَرِينَ. لَمْ يَأْتِ لِيُفْرِضَ أحكامًا كَمَا يَفْعَلُ الْحُكَّامُ الْكِبَارُ، مِثْلَ قَيْصَرِ أَوْغُسْطُسَ الَّذِي كَانَ يُجْبِرُ الْجَمِيعَ عَلَى التَّسْجِيلِ (لُوقَا 2: 1-3). بَلْ جَاءَ يَسُوعُ لِيَكُونَ عَلامَةً، كَمَا قَالَ: "إِلَيْكُمْ هَذِهِ الْعَلاَمَةُ: سَتَجِدُونَ طِفْلًا مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ" (لُوقَا 2: 12). إِنَّهَا عَلاَمَةٌ عَلَى القُرْبِ، وَالسَّلاَمِ، وَالعَلاَقَةِ المُتَجَدِّدَةِ بَيْنَ اللَّهِ وَالبَشَرِ. عَلاَمَةٌ وُضِعَتْ فِي مِذْوَدٍ، حَيْثُ يُعْطَى الطَّعَامُ، فِي مَدِينَةِ بَيْتِ لَحْمٍ الَّتِي تَعْنِي "بَيْتَ الخُبْزِ". إِنَّهَا عَلاَمَةٌ تُغَذِّي جُوعَ الحَيَاةِ.
كما وجه البطريرك يوسف العبسي بطريرك الروم الكاثوليك رسالة عيد الميلاد المجيد قائلا: في هذا العام، حيث تَذكّرنا كلُّنا بالصلاة والتفكير استعادةَ الوحدة التي حصلت بين كنيستنا وكنيسة رومة منذ ثلاثمئة عام، في العام 1724، يأتي الميلاد المقدّس والكثيرون منّا في حيرة وتساؤل وترقّب حتّى الحزن والقلق والخوف، من جرّاء الاضطرابات الجارية في منطقتنا، حالُنا حال الناس الذين كانوا قبل ميلاد السيّد المسيح منذ ألفي سنة، قابعين "في الظلمة وظلال الموت"، كما نقول في صلوات العيد، يترقّبون خلاصًا، وما إن رأوا هذا الخلاص في شخص يسوع حتّى هتفوا بلسان الشيخ سمعان الصدّيق قائلين: "الآن تطلق عبدك أيّها السيّد على حسب قولك بسلام فإنّ عينيّ قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته أمام وجوه الشعوب كلّها نورًا ومجدًا".
هؤلاء الناس الذين في مثل هذه الحال، ما كانوا في الأمس وليسوا اليوم الناسَ الأقوياء أو الأغنياء أو أصحاب السلطان والقرار، بل إنّهم الناس الذين في الفاقة والجوع والعطش والعُري مادّيًّا وروحيًّا ومعنويًّا. القويّ لا يترقّب ولا الغنيّ الذي قال عنه المسيح: "رجلٌ غنيّ يلبس الأرجوان والبَزّ ويتنعّم كلّ يوم مترفّهًا" (لوقا 16: 19)، ولا الذي قال عنه إنّه يقول عن نفسه: "يا نفسُ، إنّ لك خيراتٍ كثيرة مدَّخرةً لسنين كثيرة، فاستريحي وكلي واشربي وتنعّمي" (لوقا12: 19). إنّ الذي يترقّب هو الذي لا يدري هل يأكل ويشرب بعد حين أو لا، هل يجد سقفًا أو غطاء يقيه أو لا، هل تُداوى جروحه أو لا، هل يحيا إلى الغد أو لا، لا يدري إلى من يتطلّع ولا يعرف إلى من يذهب، يتخبّط في الحيرة والقلق والخوف.
كما وجه البطري ماراغناطيوس افرام بطريرك الكنيسة السريانية الارثوذكسية رسالة عيد الميلاد المجيد قائلا: ميلاد السيد المسيح هو دعوة للبشرية لعيش حياة أفضل، أساسها السلام، وغايتها المسرة والفرح اللذين لا يُنزعان عنا، حياة بشَّر بها الملائكة الرعاة ليلة ميلاد الرب يسوع الذي يهبها لكل من يؤمن باسمه، كقوله: " وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ" (يوحنا ١٠:١٠)، بالرغم من كل المخاوف التي تحيط بنا، والتحديات التي نجابهها اليوم كمسيحيين، سواء كنا في الشرق أو الغرب، حتى تملّك اليأس قلوب الكثيرين، لكن رحمة الله الآب غير المتناهية تقدم من جديد ترياق الحياة لكل إنسان، محبته وكلمته المتجسد، طفل المغارة يسوع المسيح.
إن ميلاد الرب يسوع هو علامة ولادتنا الجديدة، ونقطة بداية لهذه الحياة الأفضل، التي يمنحها لنا روح الله القدوس بإيماننا بابنه الوحيد، الرب يسوع المسيح، لكن هذا الميلاد الجديد، يتطلب منا كمؤمنين، في شرق نجابه فيه مخاوف وجودنا، وغرب نحارب فيه التحديات الإيمانية، شهادةً وإعلانًا، لعمله الخلاصي في حياتنا. لذلك، ونحن نستقبل عيد الميلاد الخلاصي في خضم كل هذه التغيّرات والتحديات، نجدد دعوتنا لكم جميعًا لعيش الرجاء، والسعي للسلام، والتنعم ببشرى الخلاص، من خلال التمسك والثبات بالإيمان، والتوكل على الرب كل حين، الذي ينزع الخوف من قلوبنا، كقول القديس بطرس الرسول: " مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ" (1 بطرس 5: 7).
0 تعليق