أكد الدكتور محرز غالى، الأستاذ بقسم الصحافة فى كلية الإعلام جامعة القاهرة، أن الجامعات المصرية لا تزال تفتقد وجود آليات دقيقة لكشف سرقة الأبحاث العلمية التى يجرى تقديمها لنيل درجتى الماجستير والدكتوراه، أو للترقى لدرجتى أستاذ مساعد أو أستاذ.
وأوضح «غالى»، فى حواره مع «الدستور»، أن هناك تقنيات ذكاء اصطناعى قادرة على فحص الأبحاث بدقة شديدة، لكن تكلفتها عالية، لذا لا تستخدم فى مصر، وبسبب زيادة عدد المتقدمين بأبحاث يظل الفحص غير دقيق.
وأشار إلى أن العقوبات المحددة للسرقات العلمية غير كافية وغير رادعة، مؤكدًا أهمية توعية الباحثين بالنسبة المعتمدة للاقتباس، التى لا تزيد على ٢٠٪.
■ بداية.. كيف تتأكد الجامعات المصرية من أن الرسائل العلمية غير مسروقة؟
- على الرغم من وجود آليات لفحص بحوث الترقية لدرجة أستاذ مساعد وأستاذ، فإن هذه الآليات لا تطبق على الرسائل العلمية، التى قد تصل صفحاتها إلى ٤٠٠ صفحة أو أكثر، ولكن يجرى فحص البحوث العلمية، التى تصل إلى ٤٠ أو ٥٠ صفحة، لحصول الباحث على الترقية لأستاذ مساعد أو أستاذ، كما أنها قد تستغرق من شهر ونصف إلى شهرين، وذلك لقلة أعداد العاملين فى تكنولوجيا المعلومات والباحثين فى الجامعات، وزيادة أعداد أعضاء هيئة التدريس المتقدمين للترقية.
ويقتصر استخدام برامج فحص الاقتباس فى مصر على بحوث الترقية التى يجرى تقييمها من خلال المجلس الأعلى للجامعات، وبالتعاون مع المكتبة الرقمية بجامعة القاهرة وبعض الوحدات المتخصصة فى الجامعات، ومع ذلك، لا تزال الرسائل العلمية تخضع فقط لتقييم لجان المناقشة، دون فحص دقيق باستخدام تقنيات حديثة.
■ إلى أى مدى تؤثر سرقة الرسائل العلمية على جودة البحث الأكاديمى وسمعة جامعاتنا؟
- تؤثر السرقات العلمية بشكل كبير على جودة البحث الأكاديمى وسمعة الجامعات المصرية، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، منها ضعف التدريب على قواعد البحث العلمى، إذ يفتقر بعض الباحثين الجدد إلى المعرفة الكافية بقواعد الاقتباس وأخلاقيات البحث العلمى، ما يؤدى إلى أخطاء جسيمة قد تصل إلى حد السرقة.
من بين الأسباب غياب الرقابة الفعالة، إذ يعتمد تقييم الرسائل على لجان المناقشة فقط، ما يجعل من الصعب اكتشاف السرقة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بنقل صفحات كاملة من مصادر قليلة دون تغيير، وكذلك انتشار ظاهرة السرقات العلمية فى الجامعات المصرية والعربية على حد سواء، ما يضعف المصداقية الأكاديمية.
■ هل هناك تقنيات ذكاء اصطناعى تستخدم حاليًا فى الجامعات للكشف عن الانتحال العلمى؟
- على الرغم من التقدم التكنولوجى العالمى، لا تزال الجامعات المصرية تفتقر إلى البرامج المخصصة لفحص الإنتاج العلمى للرسائل، وهناك بعض الدول العربية تستخدم برامج متطورة لفحص الرسائل، رغم تكلفتها المرتفعة، ما يساعدها فى مواجهة هذه الظاهرة بشكل أفضل، ومع التطور السريع فى تقنيات الذكاء الاصطناعى، هناك إمكانية كبيرة لتطوير برامج مخصصة لفحص النزاهة الأكاديمية.
ويجب مواجهة ظاهرة السرقات العلمية بجدية أكبر، إذ إنه فى ظل التطور العلمى والذكاء الاصطناعى، يمكن للجامعات المصرية إنشاء برامج متخصصة لفحص الرسائل العلمية، كما يجب أن يكون هناك وعى بأن أى تهاون فى هذا الجانب يضر بمصداقية المؤسسات التعليمية بأكملها.
■ ما العقوبات التى تُفرض على المتورطين فى سرقة الرسائل العلمية؟ وهل رادعة بشكل كافٍ؟
- حدد المجلس الأعلى للجامعات نسبة الاقتباس المسموح بها فى الرسائل العلمية بـ٢٠٪ فى العلوم الاجتماعية والإنسانية، ومع ذلك، هناك عقوبات متدرجة تُفرض على المخالفين، تتراوح بين اللوم والتنبيه، وتصل إلى الفصل النهائى فى حالة أعضاء هيئة التدريس، ويرى البعض أن هذه العقوبات ليست رادعة بما يكفى لمنع تكرار السرقات.
ولتجاوز هذه المعضلة، تحتاج الجامعات المصرية إلى استراتيجية شاملة تشمل تبنى تقنيات الذكاء الاصطناعى، وتطوير وحدات متخصصة لفحص النزاهة الأكاديمية، وتشديد العقوبات على المخالفين.
الأهم من ذلك، يجب أن تكون هناك ثقافة مؤسسية تعزز أهمية الأمانة العلمية بين الباحثين، فقط من خلال هذه الخطوات يمكن للجامعات المصرية أن تستعيد مكانتها وتضمن جودة إنتاجها الأكاديمى.
■ كيف يمكن تعزيز ثقافة الأمانة العلمية بين الباحثين وطلاب الدراسات العليا فى الجامعات المصرية؟
- لتعزيز ثقافة الأمانة العلمية بين الباحثين وطلاب الدراسات العليا، يمكن اتخاذ خطوات عدة؛ منها الدورات التدريبية المكثفة، ويجب أن تشمل هذه الدورات قواعد البحث العلمى، وأخلاقيات البحث، وأساليب الاقتباس السليم، وإلزامية فحص الرسائل، لتطبيق برامج فحص النزاهة الأكاديمية على جميع الرسائل العلمية قبل تقديمها للمناقشة، وزيادة الوعى، للعمل على تغيير المفهوم الخاطئ لدى بعض الباحثين الذين يعتبرون أخلاقيات البحث العلمى أمرًا شكليًا، وإشراك المشرفين بفاعلية أكبر، حيث يجب أن يكون المشرفون أكثر رقابة ووعيًا بأهمية متابعة جودة العمل البحثى.
0 تعليق