الخميس 26/ديسمبر/2024 - 09:51 ص 12/26/2024 9:51:34 AM
رغم أنني لست من هواة متابعة الأحاديث الاقتصادية ولا أفقه فيها كثيرا، غير أنني تابعت باهتمام كبير ذلك الاجتماع شديد الأهمية الذي عقده دولة رئيس الوزراء دكتور مصطفى مدبولي مساء أمس مع عدد كبير من رجال الأعمال الوطنيين وتم بثه ليتابعه الرأي العام. اجتماع ناقش فيه رئيس الوزراء الرؤى المطروحة للإصلاح الاقتصادي من مجموعة من المستثمرين بمختلف القطاعات. مجرد فكرة اللقاء أراها شديدة الأهمية في هذا التوقيت، وفيه ظهر دكتور مدبولي كعادته محترما لكل المتحدثين فلم يقاطع أيا منهم، كما أتاح الكلمة لكل من طلبها، وعلّق فقط عندما استدعى الأمر تعليقا منه، فضلا على أنه لم يُسفّه من رأي أي من السادة الحضور كما لم يحجب الكلمة عن أي صاحب رأي مخالف.
لن أزايد كما يفعل بعضهم قائلا: وأين كانت مثل هذه الاجتماعات من قبل ؟ فمبلغ علمي أن دكتور مدبولي كان حريصا منذ تكليفه بتشكيل الحكومة على عقد لقاءات عديدة مع كل الفئات المجتمعية، وفي القلب منها السادة رجال الأعمال، لكننا كنا في حاجة كمجتمع إلى متابعة تلك اللقاءات على النحو الذي شاهدناه مساء أمس عبر قنوات التليفزيون المصري بهذه المساحة الزمنية الممتدة، وأن تكون الاجتماعات بهذا المستوى من حيث عدد الحضور من رجال الأعمال ومستواهم، والأهم أن تظل هذه الاجتماعات بهذا القدر من الشفافية والمصارحة.
مستوى المصارحة التي تحدث بها رئيس الحكومة في تعليقاته على أطروحات رجال الأعمال أمر جعلني أتمنى أن تتسع القاعدة لنطبق هذا النموذج على مستويات أدنى في كافة قطاعات ووزارات الدولة، فإذا كان السيد رئيس الجمهورية يطبق عمليا شعار الشفافية والمصارحة مع الشعب، وكذلك فعل رئيس الوزراء في لقائه المشار إليه مساء أمس، فما الذي يمنع المستويات الأدنى من المسئولين لتكرار التجربة ؟ وما الذي يدفعهم للاحتجاب عن الرأي العام بل وعن مرؤوسيهم أنفسهم ولا يبادرون بفتح الأبواب أمام أصحاب الرؤى والمقترحات البنّاءة القابلة للتنفيذ ؟
ربما كان هذا اللقاء بكل هذا العدد من رجال الأعمال رسالة في حد ذاته، وفتح باب للمشاركة المجتمعية في الشأن الوطني عامة والاقتصادي خاصة. لكن، كلي أمل أن تُعقد اللقاءات اللاحقة على مستوى أكثر تخصصا، بحيث يعقد دولته اجتماعات يناقش فيها كل ملف على حدة بحضور أهم المستثمرين والخبراء المنخرطين فيه. ملف السياحة مثلا، ملف القطاع المصرفي، ملف ثالث كملف العقارات ومشاريع الإسكان، ملف آخر كملف قطاع الصناعة وغيرها، كل تلك ملفات فيها تفاصيل كثيرة جدا يحتاج كل منها اجتماعا خاصا على ذات المستوى من الحضور ومن المصارحة. ربما يحتاج الأمر أيضا إلى مشاركة خبراء من الأكاديميين المتخصصين في كل واحد من تلك الملفات، أعتقد أن مشاركتهم لن تكون متاحة بالشكل المطلوب إلا حال عقد اجتماعات تخصصية. كما أظن أن تمثيل الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان سيمثل قيمة مضافة لتلك الاجتماعات.
أعجبني جدا توجيه الدعوة لكل رجال الأعمال أيا كانت مواقفهم السياسية السابقة أو اللاحقة، إذ أن اللقاء لم يستهدف غرضا سياسيا، بقدر ما هو اجتماع عصف ذهني اقتصادي يحق لكل الناجحين أن نفتح أمامهم الأبواب، بغض النظر عن الانتماء السياسي أو الحزبي لأي منهم. ويبقى تنفيذ ما طرحه رجال الأعمال من مقترحات هو الحكم النهائي على مدى نجاح هذا الاجتماع، كما أنه سيكون أكبر محفز لرجال الأعمال لتلبية الدعوة في مرات قادمة. جلسة كانت شديدة الثراء، انتهت بإعلان دكتور مدبولي عزمه تشكيل لجان وزارية لمراجعة ما تم طرحه من آراء ومتابعة تنفيذ ما يمكن تنفيذه ، وهذا هو الذي يصنع قناعة لدى رجال الأعمال بأهمية تلك اللقاءات ويجعلهم أكثر تجاوبا مع المشاركة ومع طرح الأفكار في لقاءات مقبلة نتمناها قريبة إن شاء الله.
0 تعليق