محللون اقتصاديون وخبراء لـقنا: 4 عوامل رئيسة ستحدد اتجاهات الاقتصاد العالمي في عام 2025

العربية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال محللون اقتصاديون وخبراء، إن الاقتصاد العالمي رغم مؤشرات الاستقرار التي يظهرها للعام 2025 بنمو متوقع يبلغ (3.3 بالمئة)، قد يواجه تحديات كبيرة بسبب التوترات الجيوسياسية والتغيرات في السياسات الاقتصادية للدول الكبرى مما يشكل تهديدا، خصوصا للاقتصادات النامية.

 

وتبرز أربعة جوانب رئيسية لهذه التحديات، وفقا لتصريحاتهم لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، هي: تأمين استقرار إمدادات الطاقة من الشرق الأوسط، وعدم اليقين بشأن السياسات التجارية والنقدية للإدارة الأمريكية الجديدة، وتكاليف الأضرار الناجمة عن تغير المناخ، إضافة إلى التحديات التكنولوجية المرتبطة بتأثيرات الذكاء الاصطناعي.

 

فيما يتعلق بإمدادات الطاقة، حيث تبرز الصراعات المستمرة في كل من منطقة الشرق الأوسط التي تعد مصدرا لنحو 30 بالمئة من احتياجات النفط العالمي، وأوكرانيا التي يزيد نزاعها المستمر مع روسيا من الضغط على أسواق الطاقة الأوروبية، قال السيد عامر الشوبكي الخبير في مجال الطاقة والنفط، إن قطاع الطاقة العالمي قد يشهد في عام 2025 ولا سيما مع الإدارة الأمريكية الجديدة، دعم إنتاج الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة، مما يعقد جهود مكافحة تغير المناخ.

 

وأضاف "بالنسبة للنفط سيواجه عدة متغيرات في عام 2025، حيث ستتحكم عدة عوامل في العرض أو الطلب، منها مدى النمو الاقتصادي العالمي ومدى اندفاع البنك الفيدرالي الأمريكي في تخفيض أسعار الفائدة، وكذلك البنك المركز الأوروبي"، لافتا إلى أن الطلب أيضا سيعتمد على قدرة الصين على الخروج من أزمتها الاقتصادية، دون إغفال أن شهر نوفمبر الماضي سجل نموا إضافيا على الطلب في الصين بعد تراجع لنحو 7 أشهر.

 

وتوقع الشوبكي أن تستقر أسعار النفط عند مستويات قريبة من 70 دولارا لخام برنت و67 دولارا لخام غرب تكساس، مرجحا أن يتعادل المعروض مع الطلب عند مستويات 104 ملايين برميل يوميا، وأشار إلى أن الدول المنتجة للغاز ستكون الأكثر استفادة نظرا لنمو الطلب على الكهرباء المدفوع بالتوسع الاقتصادي وزيادة استخدامات الذكاء الاصطناعي.

 

من جهة أخرى، فإن السياسات النقدية والتجارية الأمريكية المرتقبة والمتمثلة في خفض الفائدة لدعم النمو المحلي والتوظيف، والتركيز على الحمائية بإعادة التفاوض على الاتفاقيات وزيادة الرسوم الجمركية قد تؤثر سلبا على التجارة الدولية التي تشكل 33 بالمئة من الاقتصاد العالمي، وفي هذا الصدد أكد رجل الأعمال السيد علي الخلف، أن صعود الصين كقطب بارز على صعيد التجارة العالمية ومنافسته القوية للمحور الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية خلق نوعا من الخلل الاستراتيجي فيما يتعلق بميزان التجارة العالمية الذي هو في صالح الدول الغربية.

 

وأضاف:" لا شك أن اكتساح السلع الصينية للعديد من أسواق الدول النامية سواء في آسيا أو إفريقيا، وبروزها في الأسواق الأوروبية والأمريكية، يعتبر أمرا مزعجا للكتلة الغربية فيما يتعلق بهيمنتها على الأسواق العالمية".

 

ولفت إلى أن الصين شهدت تطورا هائلا في مجال التكنولوجيا والاتصالات والأقمار الصناعية إلى جانب تعزيز علاقاتها التجارية وغير التجارية مع الكثير من دول العالم، وهي متجهة لأن تكون أكبر اقتصاد في العالم خلال السنوات القليلة القادمة، قائلا:" هذا التطور الكبير سيقلل الحصص السوقية العالمية للكتلة الغربية فيما يخص السلع الاستهلاكية والصناعية".

وتابع:" مع اعتلاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سدة الحكم في الولايات المتحدة بداية عام 2025، قد نشهد حربا تجارية شرسة على مستوى فرض الرسوم على دخول السلع والمنتجات الصينية إلى الولايات المتحدة، وقد تتخذ الدول الأوروبية نفس الاتجاه".

 

وأردف قائلا:" إلا أن انخفاض تكلفة الإنتاج في الصين وارتفاع مستوى جودة المنتج الصيني بالمقارنة مع السنوات الماضية، سيكون عاملا قويا في تنافسية السلع الصينية بالأسواق الغربية والدول المتقدمة بما فيها اليابان وكوريا الجنوبية".

وأوضح أن الصين تمتلك قدرات إنتاج صناعي هائلة، وفي المقابل توجهت الطاقة الإنتاجية الأوروبية والأمريكية نحو الانخفاض لاعتمادها على اليد العاملة الصينية، حيث أصبحت الشركات الغربية تصنع منتجاتها حسب مواصفاتها في الصين لانخفاض تكلفة اليد العاملة هناك، معتبرا أن جميع تلك العوامل ستساهم في تخفيف الأثر السلبي للرسوم الجمركية التي قد تفرض على المنتجات الصينية الموردة إلى السوق الأمريكية، حيث "سخرت الصين كل جهودها لتنمية قدراتها الصناعية والتكنولوجية وتطوير اقتصادها بشكل هائل بعيدا عن النزاعات العالمية، وبالتالي في حال نشوب حرب تجارية فإن الكفة سترجح لصالح الصين على حساب الدول الغربية".

 

أما عن تحديات تغير المناخ التي تشكل تهديدا مباشرا للنمو الاقتصادي العالمي نتيجة ارتفاع تكاليف الأضرار الناجمة عنه من تدمير البنية التحتية، وانخفاض الإنتاجية الزراعية، وزيادة تكاليف الغذاء والطاقة، فقال الدكتور عمر خليف غرايبة أستاذ المالية في كلية الأعمال، والخبير المالي والاقتصادي بجامعة آل البيت الأردنية، إن تداعيات الكوارث الطبيعية تتجاوز تدمير البنية التحتية، وتشريد السكان، وانخفاض الإنتاجية الزراعية وغيرها من الأعباء على الميزانيات الوطنية، لتشمل تعطيل سلاسل التوريد، وزيادة أسعار المواد الغذائية والطاقة، وارتفاع أقساط التأمين، مما يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، ويعمق أزمات الفقر في البلدان النامية، ويزيد من عدم الاستقرار المالي.

 

ورأى الدكتور عمر خليف غرابية أن الاقتصادات النامية تواجه إزاءها معضلة مزدوجة: التعامل مع آثار الكوارث المناخية وتمويل التحول إلى اقتصادات منخفضة الكربون، داعيا إلى تعزيز التعاون الدولي لضمان استقرار الاقتصاد العالمي، موضحا أن الاستثمارات المطلوبة للتحول نحو الطاقة النظيفة تشكل تحديا كبيرا، خصوصا للدول التي تعتمد بشكل رئيسي على الوقود الأحفوري في اقتصاداتها.

 

وفيما يتعلق بالتحدي التكنولوجي ورغم الفرص الواعدة التي تقدمها التكنولوجيا المتقدمة لتعزيز النمو الاقتصادي حيث يتوقع أن يساهم قطاع الذكاء الاصطناعي بما يصل إلى 15.7 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030، ويرجح أن يشكل التفاوت التكنولوجي، الأتمتة، وهيمنة الدول المتقدمة على التقنيات، عقبات أمام الدول النامية، أوضح السيد محمد علم خبير تكنولوجيا المعلومات والمدير العام لشركة قطر لأنظمة الكمبيوتر، أن الذكاء الاصطناعي في عام 2025 لن يكون مجرد أداة تقنية، بل سيصبح القوة المحركة خلف التحول الجذري في القطاعات الحيوية، متوقعا أن يصبح جزءا لا يتجزأ من البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية لدول العالم المنخرطة في هذا المجال.

 

وأشار إلى أن التطورات في تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل النماذج التوليدية وتحليل البيانات التنبؤية، ستفتح آفاقا جديدة لتحسين استدامة الموارد وزيادة الإنتاجية، كما ستلعب دورا رئيسا في تطوير المدن الذكية، من خلال تطبيق حلول مبتكرة مثل التوأم الرقمي لتحليل بيانات البنية التحتية في الوقت الفعلي، مما سيسهم في تحسين إدارة الطاقة والنقل وتقليل الانبعاثات الكربونية، مؤكدا أن الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي ستنتقل من مجرد التنفيذ إلى القدرة على اتخاذ قرارات معقدة في القطاعات الصحية والصناعية، مما سيعزز الكفاءة ويرفع معايير الأمان.

 

وتوقع الخبير المختص في مجال تكنولوجيا المعلومات أن تصبح تقنية الذكاء الاصطناعي العمود الفقري لتطوير الاقتصاد الرقمي في العالم، حيث ستتيح للشركات تعزيز المرونة التشغيلية عبر أنظمة أتمتة ذكية تقدم تحليلات دقيقة في الوقت الفعلي لتوجيه القرارات الاستراتيجية، مشيرا إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني ستصبح أكثر تقدما، مع التركيز على استخدام الخوارزميات التكيفية لرصد ومنع التهديدات بسرعة ودقة.

 

وفي الوقت نفسه، شدد السيد علم، على أن هذه التقنيات ستفرض تحديات جديدة، لا سيما في مجالات حماية الخصوصية وأخلاقيات الاستخدام، داعيا إلى وضع إطار وطني شامل لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع القيم والمبادئ الأخلاقية. واختتم قائلا إن الاستثمار في تطوير الكوادر البشرية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي سيعزز من مكانة الدول في هذا المجال.

 

أخيرا، أجمع الخبراء على أن الاقتصادات النامية ستكون الأكثر عرضة لهذه التحديات، مما يستدعي تعزيز الشراكات مع الدول المتقدمة والمؤسسات الدولية لضمان الوصول إلى التمويل والتكنولوجيا، وتنويع اقتصاداتها عبر تطوير القطاعات الإنتاجية، والتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة وإدارة ديونها بشكل أفضل من خلال تحسين الشفافية المالية وتجنب الإفراط في الاقتراض.

يشار إلى أن صندوق النقد الدولي توقع في وقت سابق من العام الجاري أن يظل النمو العالمي عند 3.3 بالمئة في 2025، مع تراجع التضخم إلى

4.5 بالمئة، وهو ما يعكس استقرارا نسبيا قد لا يخفي هشاشة بعض اقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية في مواجهة أي أزمات متوقعة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق