في محاولة لتقييد حرية التعبير وطمس الحقيقة، وعلى وقع استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ نحو 447 يوما، كان الصحفيون الفلسطينيون منذ البداية هدفا دائما لغارات الاحتلال وعمليات القصف التي تحصد أرواحهم يوما بعد يوم.
ورفعت قوات الاحتلال الإسرائيلي مؤخرا من وتيرة استهدافها المتعمد للصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وكانت أحدث عمليات القتل الدامية التي وقعت بحقهم استشهاد خمسة صحفيين ومصورين في غارة واحدة شنتها قوات الاحتلال فجر اليوم.
وأعلنت المصادر الطبية في قطاع غزة عن استشهاد الصحفيين الخمسة جراء غارة شنها طيران الاحتلال على سيارة بث فضائي أمام مستشفى /العودة/ في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ما أدى لاستشهادهم على الفور، واشتعال النيران في السيارة وتدميرها بالكامل.
وقالت قناة القدس "إن الصحفيين الخمسة العاملين فيها قضوا في استهداف إسرائيلي لسيارة البث الخارجي في مخيم النصيرات، أثناء تأديتهم واجبهم الصحفي والإنساني"، ليرتفع بذلك عدد الشهداء منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 201 صحفي وصحفية وفقا لإحصائية دورية ينشرها المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وعلقت نقابة الصحفيين الفلسطينيين أن استشهاد الصحفيين يأتي ضمن سلسلة من الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة ضد الصحفيين الفلسطينيين في محاولة لطمس الحقيقة وتقييد حرية التعبير، مؤكدة في بيان أن الاستهداف المستمر للصحفيين يعد جريمة حرب بموجب المواثيق الدولية وانتهاكا صارخا لحقوق الإنسان وحرية الصحافة، موضحة أنها سجلت أكثر من 190 صحفيا وعاملا في مجال الإعلام استشهدوا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ما يعكس حجم الاستهداف الممنهج للصحفيين الفلسطينيين.
وبحسب الإحصاءات التي حصلت عليها وكالة الأنباء القطرية /قنا/، فإن قوات الاحتلال اعتقلت منذ بداية الحرب على غزة أكثر من 40 صحفيا، وزاد عدد الصحفيين المصابين نتيجة استهدافات جيش الاحتلال على 400 صحفي، فيما دمرت قوات الاحتلال نحو 50 مقرا للمؤسسات الإعلامية التي تتخذ من قطاع غزة مقرا لها بالإضافة إلى 12 مكتبا لمؤسسات إعلامية خارجية.
ويقول صحفيون يعملون في الميدان، إن شبح الموت جراء القصف والاستهداف الإسرائيلي المتعمد يلاحقهم أينما ذهبوا، وقد أصبح العمل الميداني غاية في الخطورة مع ارتفاع وتيرة الاستهداف المتعمد للصحفيين من قبل الاحتلال.
ويشير المصور الصحفي محمد مطر في حديث لـ/قنا/ إلى أنه نجا من الموت بأعجوبة عدة مرات، أصيب في إحداها بجراح متوسطة، فيما بترت قدم زميله في ذات القصف، قائلا "إن الاحتلال حول الصحفيين من ناقلي الخبر والصورة إلى الخبر نفسه"، ومؤكدا أن الهدف الأساس من تكرار استهداف وقتل الصحفيين هو منعهم من تأدية رسالتهم المهنية في نقل المعاناة في قطاع غزة، وفضح جريمة الإبادة الجماعية التي يشنها الكيان الإسرائيلي وقضت على مقومات الحياة في القطاع.
بدوره، يرى الصحفي محمد الهمص أنه منذ بداية العدوان الإسرائيلي كان واضحا أن السترات التي يرتديها الصحفيون لم تحمهم، بل تحولت على مدى أشهر الحرب إلى مصدر خطر على حياتهم ومحل استهداف إسرائيلي، مضيفا "سترات وإشارات الصحافة التي نحملها يفترض أن تعطي دلالات أننا صحفيون محميون بموجب القوانين الدولية واتفاقيات جنيف وكل المواثيق التي تؤكد على حماية الصحفيين، لكنها أمام الاحتلال أصبحت تشكل تهديدا حقيقيا على أرواحنا".
وتابع الهمص قوله "لقد أصبت وأنا أرتدي سترة الصحافة نتيجة قصف إسرائيلي في دير البلح وسط قطاع غزة، خلال قيامي بإعداد تقرير تلفزيوني في أحد مخيمات النازحين".
ويعد عام 2024 الأسوأ على الصحفيين الفلسطينيين، حيث قتلت قوات الاحتلال منذ بداية الحرب أربعة أضعاف عدد الصحفيين الذين قتلتهم على مدار 23 عاما (منذ مطلع العام 2000 حتى قبل العدوان الأخير في أكتوبر من العام الماضي) والذين بلغ عددهم 55 شهيدا صحفيا.
وكانت لجنة حماية الصحفيين قد أكدت مسؤولية الكيان الإسرائيلي عن ثلثي وفيات الصحفيين في جميع أنحاء العالم خلال عام 2024، مؤكدة أن المجتمع الدولي فشل في الوفاء بالتزاماته بمحاسبة الاحتلال على أفعاله.
0 تعليق