سارة نتنياهو تدير دولة الاحتلال، أثارت هذه الجملة موجة من التساؤلات حول آليات اتخاذ القرار في إسرائيل، نشرت صحيفة “هاآرتس” تحقيقاً استقصائياً مفصلاً يكشف عن دور غير مسبوق تلعبه سارة نتنياهو، زوجة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في إدارة شؤون الدولة العبرية.
وألقى التقرير الضوء على ما وصفه بـ”سلطة موازية” تُحكم قبضتها على مفاصل الدولة عبر شبكة معقدة من الولاءات والعلاقات التي تديرها من وراء الكواليس.
تفاصيل صادمة لنظام موازٍ للسلطة
اعتمد التحقيق على وثائق مسربة وشهادات مسؤولين سابقين وحاليين، لتقديم صورة مقلقة عن حجم النفوذ الذي تملكه سارة نتنياهو داخل المؤسسات الإسرائيلية.
وأوضح أن زوجة رئيس الوزراء بنت خلال السنوات الماضية نظاماً موازياً لصنع القرار، حيث أصبح معيار الولاء الشخصي المطلق هو المحدد الرئيسي لاختيار الأشخاص في المناصب العليا، متجاوزاً بذلك معايير الكفاءة والخبرة.
هذه الشبكة من العلاقات، بحسب التحقيق، تمتد لتشمل التعيينات الحساسة في المؤسستين العسكرية والأمنية.
ووفقاً للصحيفة، فإن هذا النهج أدى إلى تهميش الكفاءات المهنية، مما يثير القلق بشأن تأثير تلك السياسات على القرارات المصيرية، خصوصاً في ظل الأزمات الأمنية والاستراتيجية المتلاحقة التي تواجهها إسرائيل.
دور محوري في الحرب على غزة
كشف التحقيق عن مشاركة سارة نتنياهو في إدارة ملفات حساسة مثل الحرب على غزة ومفاوضات الأسرى، حيث أشار مسؤولون رفيعو المستوى إلى تدخلها المباشر في اجتماعات أمنية مغلقة، وهو ما يعد سابقة في تاريخ صناعة القرار الإسرائيلي.
وأكدت مصادر عسكرية أن تدخلاتها تسببت في تعقيد المفاوضات المتعلقة بالأسرى وإطالة أمد الحرب، ما يطرح تساؤلات حول أثر هذا الدور غير الرسمي على الأمن القومي الإسرائيلي.
اعتراف نتنياهو يزيد من الجدل
التقرير أشار إلى اعتراف خطير أدلى به بنيامين نتنياهو خلال إحدى جلسات محاكمته في قضايا الفساد، حين أكد أن زوجته قامت بمبادرات سياسية دون علمه أو موافقته.
هذا التصريح، الذي جاء في سياق قضية موقع “والا” الإخباري، ألقى الضوء على طبيعة العلاقة بين رئيس الوزراء وزوجته، ودورها كـ”صانعة قرار” تعمل خارج الأطر المؤسسية التقليدية.
ووفقاً لشهادات أخرى، أسست سارة نتنياهو قنوات اتصال موازية مع جهات داخلية وخارجية، متجاوزة الأعراف الدبلوماسية والقانونية. هذه القنوات، التي تُدار بعيداً عن الرقابة البرلمانية أو القانونية، تضع النظام السياسي الإسرائيلي أمام أسئلة عميقة حول الشفافية والمسؤولية.
هندسة الرأي العام وتوجيه الشارع
التحقيق لم يقتصر على تناول دور سارة في صناعة القرار السياسي فحسب، بل تطرق إلى نشاطها في توجيه الرأي العام الإسرائيلي. وأوضح أن سارة نتنياهو لا تكتفي بتأثيرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل تدير شبكات واسعة تعمل على تنظيم المظاهرات وتحريك الشارع بما يخدم مصالحها.
ووصفت “هاآرتس” زوجة رئيس الوزراء بأنها “العقل المدبر” وراء الحملات المنظمة التي تستهدف توجيه الرأي العام، مشيرة إلى أنها تتخذ قرارات استراتيجية متعلقة بإدارة الأزمات، ما يجعلها شريكة فعلية في إدارة الدولة من خلف الستار.
تأثير طويل الأمد على مستقبل إسرائيل
تأتي هذه الكشوفات في وقت تواجه فيه إسرائيل تحديات مصيرية، من بينها الحرب على غزة وتصاعد التوترات الإقليمية. ومع تصاعد التساؤلات حول تأثير هذا الدور غير الرسمي على القرارات الاستراتيجية، بات من الواضح أن مركز القوة في الدولة العبرية يشهد تحولاً عميقاً، قد يغير ملامح صناعة القرار في السنوات المقبلة.
تحقيق “هاآرتس” سلط الضوء على ظاهرة غير مسبوقة، حيث أصبحت شخصية غير منتخبة تشكل محور صناعة القرار في دولة تواجه أزمات متشابكة. هذه التطورات تفتح الباب أمام نقاش واسع حول مستقبل الديمقراطية الإسرائيلية، ومدى قدرة النظام السياسي على استعادة توازنه في ظل هذه التحولات المثيرة للجدل.
0 تعليق