كثر الكلام عن أسباب انتشار العنوسة في مجتمعنا والشائع افتراض أن المهور هي سبب هذه الظاهرة لكن هذا غير صحيح فالحقيقة أن كثيراً من الأسر في مجتمعنا لهم طبيعة غير اجتماعية وبناتهم حبيسات البيوت لا يعملن ولا يمارسن أي نشاطات اجتماعية وبالتالي لا أحد يعرف عنهن، والوسيلة الوحيدة ليعرف الخطّاب عنهن هي الخطّابات أي وسيطات الزواج لكن بسبب أن هذه المهنة كثرت حولها قصص النصب والاحتيال والابتزاز صارت لها سمعة سيئة جعلت الأهالي لا يلجأون إليها، كثيرون تعرّضوا للنصب والاحتيال والابتزاز من قبل مجهولات الهوية اللاتي يعرضن خدماتهن في مواقع التواصل بألقاب مجهولة مثل أم فلان وليس هناك ما يثبت حقيقتهن ومصداقيتهن، ومن يتعرضون للاحتيال والابتزاز بسبب الحرج لا يقومون بالتبليغ عن المحتالة والمبتزة المجهولة أو المبتز المجهول، فأحياناً وراء تلك الحسابات رجال مع العلم أن عقوبة الابتزاز تصل إلى غرامة مليوني ريال وسجن خمس سنوات، ولذا أكبر مساعدة يمكن أن تقدمها الدولة لعلاج مشكلة العنوسة هي إصدار جهة معنية رخصة رسمية للخطّابات ونشر أسمائهن الحقيقية في موقع رسمي ليكون الأهالي واثقين ممن يضعون معلومات بناتهم في عهدتهن، وضرورة نشر أسماء الخطّابات في موقع رسمي يأتي من حقيقة أنه انتشرت حالياً بين خطّابات مواقع التواصل زعم أنهن حاصلات على رخصة رسمية ويعرضن تلك الرخص المزورة في حساباتهن، مع العلم أنه حتى الآن لم تصدر الدولة أي رخص رسمية للخطّابات وعندما ستصدرها لن يمكن للشخص العادي التفريق بين الرخصة الحقيقية والمزورة، لذا نشر أسماء الخطّابات في موقع رسمي مع معلومات الاتصال بهن سيكون ضمانة لمصداقيتهن ومنعاً للتزوير، ومنح الرخص الرسمية للخطّابات يقابله إلزامهن بشروط تضمن مصلحة وخصوصية وحقوق العملاء، وفي حال الإخلال بتلك الشروط والإضرار بمصلحة العميل سيمكنه تقديم شكوى ضد الوسيطة المخالفة لأنها ليست مجرد اسم مجهول في حساب مجهول بمواقع التواصل وسيمكن معاقبتها وسحب ترخيصها، فدائماً علاج انتشار السلبيات في مجال ما هو بتقنينه وإيجاد البديل القانوني، وتقنين مهنة الخطّابة سيزيل السمعة السلبية الشائعة حالياً عن هذه المهنة التي تجعل الأهالي لا يستعينون بها في تزويج بناتهم وتجعل الخطّابات لا يعلنّ أسماءهن الحقيقية، ولذا تقنين مهنة الخطّابة ورفع السمعة السلبية عنها بالتقنين سيشجع النساء المؤهلات على العمل فيها، فالنساء الحاصلات على شهادات تخصصات نفسية واجتماعية أقدر على ممارسة هذه المهنة من غير المؤهلات أكاديمياً، ويمكن للتكنولوجيا واللوغاريتمات والذكاء الاصطناعي التي توظفها مواقع التواصل أن تساعد في ترشيح الأفضل توافقاً مع متطلبات العملاء، والتقنين يساعد في منع تورط الخطّابات في الزيجات سيئة السمعة كالمسيار؛ فحسب مبعوث الأمم المتحدة ومستشار مكتبها الإقليمي لمكافحة الإيدز حميد زرافتايش فزواج المسيار هو السبب الرئيسي للإصابة بالايدز في العالم العربي«العربية 22 أبريل 2010» لذا سيكون من مصلحة الجميع تقنين منع توسط الخطّابات في زواج المسيار، وغالباً الرجال يلجأون للخطّابات في زواج المسيار بينما يلجأون إلى أمهاتهم وقريباتهم في الزواج الرسمي، لذا منع الخطّابات من التوسط في زواج المسيار سيساعد في إغلاق هذا الباب سيئ السمعة ووخيم العواقب، وهذه ستكون من فوائد تقنين هذه المهنة حيث سيمكن منع الممارسات السلبية السائدة فيها والتي تجلب لها السمعة السيئة المحرجة التي تجعل الأهالي يعزفون عنها رغم حاجتهم إليها.
0 تعليق