لايزال هناك من يتعجب عندما يستيقظ ويرى دولة جديدة ظهرت إلى الوجود، رغم أنه منذ الحروب العالمية وحتى الآن أصبح معتادًا قيام الدول وانهيارها وانقسامها. هناك مواطنون ذهبوا إلى النوم فى يوغوسلافيا واستيقظوا وجدوا أنفسهم فى كرواتيا أو صربيا. وهناك من كان يعيش فى تشيكوسلوفاكيا، ثم وجد نفسه يعيش فى التشيك، وأقاربه يحملون جنسية أخرى فى سلوفاكيا وكوسوفو. هل نتذكرهم والكثير من الدول المنفصلة حديثًا؟
«أرض الصومال» قد تصبح الدولة المستقلة الجديدة فى العالم، فقد تردد قبل نحو شهرين أن إسرائيل مهتمة بإنشاء قاعدة لها فى شمال الصومال. وحسب موقع «ميدل إيست مونيتور» الممول من قطر، فإن هدف القاعدة مراقبة الحوثيين، ومضيق باب المندب الذى يمر عبره ما يقرب من ثُلث البضائع البحرية فى العالم. وبالمناسبة، لدى إسرائيل محطة جمع معلومات استخباراتية فى إريتريا المجاورة.
لماذا ستقبل الدولة الجديدة بإنشاء قاعدة على أرضها؟
الإجابة السهلة هى أن إسرائيل ستعترف بـ«أرض الصومال»، وتقيم معها علاقات دبلوماسية من تلك التى يدشنون لها احتفالات ويلتقطون خلالها الصور، وهى جمهورية معلنة من جانب واحد لا تحظى حاليًا باعتراف غالبية المجتمع الدولى، الذى ينظر إليها على أنها جزء من الصومال.
لماذا الانفصال يعتبر واقعًا؟
لأنه مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فى يناير المقبل، هناك تقديرات بأن المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتى، والتى أعلنت استقلالها عن الصومال عام ١٩٩١، تحظى بدعم متزايد بين كبار مسئولى الحزب الجمهورى، ومراكز الأبحاث المحافظة فى واشنطن، ومستشارى الرئيس المنتخب للشئون الخارجية.
بالنسبة لواشنطن فإن الاعتراف بأرض الصومال قد يسمح للمخابرات الأمريكية بإنشاء نظام عملياتى طويل الأمد؛ لمراقبة حركة الأسلحة فى المنطقة المتفجرة، ومراقبة أنشطة الصين التى لديها بالفعل قاعدة عسكرية دائمة فى جيبوتى المجاورة.
«أرض الصومال» تتمتع بموقع استراتيجى من الناحية الجغرافية، فهى مستعمرة بريطانية سابقة تقع على حدود إثيوبيا والصومال وجيبوتى، وتتركز فى مكان جيوسياسى مهم، فى الوقت الذى أصبحت فيه شركات الشحن الدولية مترددة فى استئجار السفن التجارية عبر مضيق باب المندب بسبب الهجمات التى يشنها الحوثيون فى اليمن، ما أدى إلى تعطيل التجارة العالمية. فيما يحاول التجار جاهدين فى العثور على طرق شحن بديلة لتوصيل السلع الاستهلاكية إلى تجار التجزئة، خاصة أن الرحلات حول إفريقيا تضيف حوالى ١٠ أيام إلى أوقات الرحلة.
وما علاقة إثيوبيا؟
من المرجح أن تؤدى خطط إسرائيل لإنشاء قاعدة عسكرية فى «أرض الصومال» إلى تصعيد التوترات الدبلوماسية بين الصومال وإسرائيل، حيث أثار احتمال الاعتراف الرسمى الإسرائيلى بالدولة الجديدة بالفعل حالة من عدم الارتياح فى مقديشو، لأنه قد يعزز مطالبات «أرض الصومال» بالاستقلال.
ويأتى هذا «الاحتكاك الدبلوماسى» فى أعقاب نزاع آخر بين الصومال وإثيوبيا، بعدما تحركت الصومال لمنع جهود إثيوبيا الرامية إلى إنشاء منفذ بحرى عبر البحر الأحمر، من خلال اتفاق مثير للجدل مع «أرض الصومال».
وكانت الصفقة تتضمن تأجير «أرض الصومال» جزءًا من الساحل الذى يبلغ طوله ٧٤٠ كم على طول خليج عدن إلى إثيوبيا، ما يسمح للدولة غير الساحلية بإقامة قاعدة بحرية، وهو ما عارضته مقديشو، معبرة عن مخاوفها بشأن تأثير الاتفاق على الأمن الإقليمى.
هناك توتر ما قادم بسبب تحركات إسرائيل وإثيوبيا فى «أرض الصومال»..
0 تعليق