تراجع الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول عن إعلان "الأحكام العرفية" بعد تصويت البرلمان بالإجماع ضد الإجراء الذي إتخذه "يون" الذي ادّعى أن معارضيه السياسيين يجعلون البلاد عرضة لما وصفه بـ"القوى الشيوعية الكورية الشمالية"، حسبما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
قرارات برلمانية تاريخية في كوريا الجنوبية ضد الأحكام العرفية
وكان "يون" قد أعلن قراره في خطاب بثه في حوالي الساعة 4:30 صباحًا بالتوقيت المحلي، اليوم الأربعاء، لينهي ليلة متوترة بدأت بإعلانه المثير للجدل مساء أمس الثلاثاء.
وتابعت الصحيفة، أن أعضاء البرلمان واجهوا تحديات كبيرة لدخول مقر الجمعية الوطنية وسط العاصمة سيول، حيث تسلقوا الأسوار وتجاوزوا الحرس المسلحين للتصويت على رفض القرار بأغلبية 190 صوتًا، ما يعني أن البرلمان بالكامل رفض القرار.
وأشارت الصحيفة، إلى أن هذه التطورات جاءت في وقت تشهد شعبية الرئيس يون تراجعًا حادًا، حيث يعاني من أزمات سياسية تتعلق بميزانية الدولة.
واتهم "يون" في خطابه، أمس الثلاثاء، المعارضة بأنها تهدد النظام الدستوري للبلاد وتعيق سير العملية البرلمانية.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه رغم ذلك، وافقت حكومته على إنهاء الأحكام العرفية بعد 6 ساعات فقط من إعلانها، وعادت القوات العسكرية التي تم نشرها لتنفيذ القرار إلى قواعدها.
وأكدت الولايات المتحدة أنها لم تُبلغ مسبقًا بقرار إعلان الأحكام العرفية، ووصفت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي الخطوة بأنها "مصدر قلق خطير".
كما أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن استمرار التزامها بالعلاقات الدبلوماسية مع كوريا الجنوبية رغم هذه الأحداث، مشيرة إلى أن القرار أثار تساؤلات حول الاستقرار السياسي في البلاد.
وانتقد رامون باتشيكو باردو، رئيس قسم دراسات كوريا في كلية بروكسل للحوكمة، قرار "يون" بإعلان الأحكام العرفية، كما انتقد كلا الحزبين، المعارضة الديمقراطية والحزب الحاكم، الخطوة واعتبروها غير دستورية.
وأشارت الصحيفة، إلى أن "يون" يواجه الآن ضغوطًا شديدة مع تراجع شعبيته إلى أقل من 20%، وهو في منتصف فترة ولايته التي تنتهي عام 2027.
وأشار تقرير افتتاحي في صحيفة "جونج أنج ديلي" إلى أن إعلان الأحكام العرفية كان من الممكن أن يعجل بمطالب عزل "يون".
وأوضحت الصحيفة، أنه في غضون ذلك، تجمّع مئات المحتجين أمام مبنى الجمعية الوطنية في أجواء شديدة البرودة، مرددين شعارات تطالب بعزل الرئيس الكوري الجنوبي.
وأدت الأزمة السياسية إلى تراجع كبير في أسهم الشركات الكورية الجنوبية المدرجة في الولايات المتحدة، حيث انخفض سهم شركة "كوبانغ" بنسبة 3.7%.
كما تراجعت قيمة الوون الكوري مقابل الدولار، وسجل مؤشر "كوسبي" الرئيسي انخفاضًا بنسبة 1% في التداولات المبكرة اليوم الأربعاء.
وأعلنت الحكومة خططًا لضخ أكثر من 35 مليار دولار لدعم الأسواق المالية، وسط عمليات بيع واسعة للأسهم والسندات.
ويواجه "يون" الآن تحديًا كبيرًا لإعادة بناء الثقة وشرح أسباب قراره بإعلان الأحكام العرفية، واعتبر خبراء أن الخطوة تعكس استغلالًا للنزاعات السياسية الداخلية عبر قرارات استثنائية بدلًا من اللجوء للحوار السياسي.
وفي تصريحاته بعد التصويت، أكد زعيم المعارضة، لي جاي ميونج، أن هذه الأزمة السياسية يجب أن تكون فرصة لإعادة البلاد إلى الاستقرار، قائلًا: "رغم تراجع أمتنا، لن يتفاقم الوضع بسبب هذا الإعلان غير القانوني وغير الدستوري".
وقال تروي ستانجارون، الخبير في الشؤون الكورية في مركز ويلسون، وهو مركز أبحاث غير حزبي في واشنطن العاصمة، إنه سيكون من المهم أن يقدم يون بسرعة تفسيرًا أكثر تفصيلًا لأفعاله.
وتابع: "بدون تفسير أعمق، يمكن اعتبار هذا بمثابة تسوية للنزاعات السياسية المحلية من خلال الأحكام العرفية بدلًا من العملية المحلية".
0 تعليق