جورج أورويل (1903-1950) روائى إنجليزى، اشتهر بروايتيه مزرعة الحيوان و1984 وهذه الاخيرة من أبرز أعماله، وتتناول أنظمة قمعية تعتمد على الدعاية، والمراقبة، والتضليل الإعلامى، والتلاعب بالماضى وتقدم مفاهيم غريبة تعتبر الانسان المُستَقِل محكومًا عليه بالفشل، بينما يُعتبر الخاضع للجماعة فى مأمن من الخطر. منذ يومين تخيلت أننى لقيته فى القاهرة وأن هذا الحديث دار بيننا عن أوضاع عالمنا والسنة الجديدة.
د. كمال: أهلا بك فى بلادنا، سيد أورويل، يشرفنى التحاور معك. فى ظل الحروب التى نعيشها فى الشرق الأوسط، وفى روسيا وأوكرانيا، وظهور الأنظمة الفاشية الجديدة، كيف ترى عالمنا اليوم؟ ألا ترانا عالقين فى دوامة من العنف والصراع الدموي؟
أورويل: بلى، صديقى كمال، العالم يسير نحو واقع مرعب. ما نراه اليوم هذه الحروب، وتآكل الديمقراطية، والتضليل الإعلامي هو نتيجة لمرض قديم: قمع التفكير النقدى وتشويه الحقائق.
د. كمال: الحروب فى الشرق الأوسط وفى روسيا وأوكرانيا مستمرة بسبب الفاشية الجديدة ونزع الإنسانية عن الآخر. كما أن التضليل الإعلامى يهيمن على الخطاب العام، حيث يبدو أن الناس يصدقون الأكاذيب بسرعة.
أورويل: التضليل الإعلامى ليس حدثًا عرضيًا، بل أداة تُستخدم عمدًا من قبل أصحاب السلطة. كما تعرف فى روايتى 1984، حذرت مما سميته doublespeak «الكلام المزدوج»، الذى يحوى الأفكار المتناقضة— الحرب هى السلام، الحرية هى العبودية، والجهل هو القوة. يعتاد الجمهور المغيب عن الوعى على هذه الشعارات ولا يرى أى تناقض فيها.
د. كمال: كيف يمكن للناس التوفيق بين تجربتهم الواقعية والقصص التى ينسجها القادة؟ لماذا يستمر التضليل الإعلامى رغم وضوح الحقائق؟
أورويل: الذين فى السلطة يتقنون تغيير الواقع. عندما تتحكم فى تدفق المعلومات، تتحكم فى إدراك الناس وطريقة فهمهم للواقع. وسائل التواصل الاجتماعى تعزز هذه الترهات بسرعة، مما يجعل الناس يصدقون القصص الكاذبة.
د. كمال: لكن لماذا يتبع الناس هؤلاء القادة؟
أورويل: لأن هؤلاء القادة يعتمدون على الخوف والانقسام؛ يزرعون الخوف ويعدون بالأمان، حتى على حساب الحرية. هكذا تنمو الفاشية: ببطء، من خلال الدعاية وفشل التفكير النقدى.
د. كمال: كيف نعيد التفكير العقلانى وسط هذا الاضطراب؟
أورويل: أولاً، يجب أن نستعيد القدرة على التفكير الحر. نرفض الروايات الجاهزة ونتعلم طرق التفكير النقدى. ثانيًا، يجب أن نكافح السلطة المستبدة وندافع عن الديمقراطية. الأهم هو أن نعيد للناس إحساسهم بالإنسانية المشتركة.
د. كمال: كيف نكسر هذا الصمت ونستعيد الوعي؟
أورويل: رغم صعوبة المعركة، فهى ليست مستحيلة. التاريخ يظهر أن الحقيقة لا يمكن قمعها إلى الأبد. يجب أن نتكلم، ونقاوم، ولا نسمح للطغاة بتدمير مستقبلنا.
د. كمال: إذاً، سنبدأ بالكلام، وسنقاتل من أجل الحقيقة.
أورويل: نعم، المعركة تبدأ فى قلوب وعقول الأفراد. لتكن 2025 سنة التغيير والتجديد فى مصر والعالم.
0 تعليق