في إحدى قرى محافظة الشرقية، كانت "هناء"، ذات الـ37 عامًا، تعيش مع طفلها الوحيد "سعد" البالغ من العمر 5 سنوات، في منزل بسيط، بعيد عن صخب الحياة، لكنه لم يكن بعيدًا عن قسوتها.

لم تكن الحياة سهلة على هناء، فالوحدة والظروف القاسية أثقلتا روحها، ومعهما مرض نفسي لم يُلتفت له، نما في صمت وأصبح سر مأساتها الكبرى.  
 
كان "سعد" شعاع الأمل الوحيد في حياة أمه، لكنه كان أيضًا الضحية لمرض لم يُدركه أحد، كانت تصرفاتها غريبة أحيانًا، لكن لم يشك أحد في قريتها أن الأمر قد ينتهي بمأساة.  

في أحد الأيام من أبريل 2023، وقع ما لا يمكن تصديقه، اتصل الجيران بالشرطة بعد العثور على أشلاء طفل صغير في منزل هناء.

انتقلت الأجهزة الأمنية بسرعة، وهناك كشفت الحقيقة الصادمة بأن "هناء" أنهت حياة ابنها، وقامت بطهي أجزاء من جسده وتناولتها، في مشهد لم تستطع قريتها تصوره أو حتى الحديث عنه.  
 
لم يكن هذا مجرد جريمة، بل صرخة مدوية عن معاناة نفسية مهملة، حيث كشفت التحقيقات أن هناء كانت تعاني من اضطرابات نفسية وعقلية شديدة جعلتها غير مدركة لما فعلته، وكانت تعيش عالمًا مشوشًا بعيدًا عن الواقع.
 
أحالت النيابة العامة القضية إلى محكمة جنايات الزقازيق، حيث واجهت "هناء" الاتهامات بالقتل العمد مع سبق الإصرار، لكن بعد الفحص النفسي المكثف، أُثبت أنها تعاني من خلل عقلي أفقدها القدرة على التمييز.

قضت المحكمة بإيداعها مصحة نفسية لتلقي العلاج بدلًا من العقاب.  

وبعد 20 شهرا من الحادث المؤلم قضت محكمة النقض برئاسة المستشار علي فرجاني، نائب رئيس المحكمة، اليوم الأربعاء،  بتأييد حكم البراءة الصادر عن محكمة جنايات الزقازيق بحق المتهمة بقتل طفلها عمدًا مع سبق الإصرار، وذلك بعد ثبوت عدم اتزانها النفسي والعقلي، ما استوجب إيداعها إحدى المصحات النفسية لتلقي العلاج.

منطوق الحكم

قضت المحكمة بعدم قبول الطعنين المقدمين من النيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية على حكم البراءة.  

أكدت المحكمة ضرورة إيداع المتهمة في مستشفى الأمراض النفسية للعلاج، نظرًا لحالتها النفسية التي كشفت عنها التحقيقات والتحريات الجنائية والنفسية.

تفاصيل الواقعة

 تعود القضية إلى أبريل 2023، حيث تلقت أجهزة الأمن بلاغًا بالعثور على أشلاء طفل داخل منزل في قرية أبو شلبي بمركز فاقوس.  

كشفت التحريات أن المتهمة قتلت طفلها "سعد.م.س"، البالغ من العمر 5 سنوات، وقطعت جثته إلى أجزاء، حيث طهت بعضها وتناولت منها.  

ألقت أجهزة الأمن القبض على الأم المتهمة البالغة من العمر 37 عامًا، وتم إحالتها إلى النيابة العامة التي وجهت لها تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وأحالتها لمحكمة الجنايات.  

  قضت محكمة جنايات الزقازيق ببراءة المتهمة وأمرت بإيداعها مصحة نفسية لتلقي العلاج.  
 
صرّح دفاع المتهمة، بتقديم طلب للجهات المختصة لإعادة الكشف الطبي عليها، مطالبًا بالإفراج عنها حال ثبوت شفائها.  

أكدت التحقيقات والتحريات أن المتهمة تعاني من اضطرابات نفسية حادة، ما يجعلها غير مسؤولة قانونيًا عن أفعالها.