رئيس لجنة «الأحوال الشخصية»: عقوبة جنائية حال عدم توثيق الطلاق الشفهى

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال المستشار عبدالرحمن محمد عبدالرحمن حنفى، عضو مجلس القضاء الأعلى الأسبق، ورئيس اللجنة المتخصصة لإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، إن العمل على المشروع بدأ بتكليف مباشر من الرئيس عبدالفتاح السيسى، من أجل وضع قانون شامل وعصرى، يواكب التطورات المجتمعية ويلبى احتياجات الأسرة المصرية. 

وأضاف المستشار عبدالرحمن خلال حواره مع «الدستور» أن اللجنة استعانت بأطباء ونفسيين وخبراء اجتماعيين، منهم عميد طب عين شمس وعميد طب القاهرة، وتم سؤالهم عن بعض الأمور الطبية مثل: تحليل إثبات النسب DNA، ونسبة الخطأ فيه، وهل هو كافٍ لإثبات النسب أم لا؟

وتابع أنه تم تشكيل لجنة أخرى تعمل على قانون الأحوال الشخصية للإخوة المسيحيين، وتمت الاستعانة بـ٦٠ من مواد المشروع الأصلى فى صياغة المواد غير المتعلقة بالديانة وأصل العقيدة، مثل الحضانة والنفقة ومسكن الزوجية، لأن المحكمة الدستورية أصدرت حكمًا بأنه لا بد أن يتساوى الطفل المصرى فى كل الحقوق، فلا يعقل أن تختلف سن الحضانة من الطفل المسلم للطفل المسيحى، لأنه نفس الطفل.

 

■ كيف بدأ العمل على مشروع القانون؟

- بدأ العمل على مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد بتكليف مباشر من الرئيس عبدالفتاح السيسى. 

وجاء هذا التكليف عقب مداخلة هاتفية للرئيس فى أحد البرامج التليفزيونية، حيث كان أحد القضاة يتحدث عن قضايا الأحوال الشخصية. 

وخلال هذه المداخلة، وجه الرئيس السيسى بتشكيل لجنة من القضاة المتخصصين لوضع مشروع قانون أحوال شخصية شامل وعصرى، يواكب التطورات المجتمعية، ويلبى احتياجات الأسرة المصرية. 

هذا التوجيه الرئاسى يعكس اهتمام الدولة بتطوير منظومة قوانين الأحوال الشخصية، بما يضمن تحقيق العدالة والمساواة لجميع أطراف الأسرة.

وباعتبارى عملت لسنوات طويلة فى الأحوال الشخصية، سواء قاضيًا ورئيس دائرة، أو فى النيابة العامة، بداية من وكيل نيابة حتى محامٍ عام أول فى قضايا الأحوال الشخصية، فضلًا عن قيامى بالتدريس فى المركز القومى للدراسات القضائية، تواصل معى وزير العدل حينها المستشار عمر مروان، وطلب منى تشكيل لجنة لإعداد مشروع القانون، وبالفعل تم تشكيل اللجنة، وجميعها من القضاة والقاضيات، وشملت ٨ قضاة و٢ من القاضيات، وأنا أترأسها، وجميعهم عملوا فى الأحوال الشخصية، وسمح لنا وزير العدل بالاستعانة بآخرين أثناء العمل.

■ من هم هؤلاء الآخرون؟

- استعنا بأطباء ونفسيين وخبراء اجتماعيين، منهم عميد طب عين شمس وعميد طب القاهرة، وسألناهم عن بعض الأمور الطبية، مثل تحليل إثبات النسب DNA، ونسبة الخطأ فيه، وهل هو كافٍ لإثبات النسب أم لا؟ فردوا علينا ردودًا رسمية. وخبراء النفس سُئلوا عن تأثير القانون إذا صدر بشكل معين على الطفل والأب والأم. 

كما تمت الاستعانة بمشايخ من الأزهر، وكذلك مفتى الجمهورية حضر معنا فى اللجنة، واطلع على المواد، وتمت الاستعانة به فى وضعها، وكل الأسئلة التى وُجهت إليه تم الرد عليها بردود رسمية مكتوبة، وعملنا لمدة طويلة حتى ظهرت ملامح القانون، فعرضته على الرئيس، فلاقى قبولًا من الرئيس، وقال إنه مقبول، وطلب استكماله لعرضه فى حوار مجتمعى، لاستطلاع رأى الجميع فيه، وإبداء آرائهم، وعملنا على القانون لمدة سنة ونصف السنة، وانتهينا منه، وكتبت به مذكرة إيضاحية وسلمته لوزارة العدل.

■ ما الصعوبات التى واجهت اللجنة خلال إعداد القانون؟

- الصعوبة الوحيدة التى واجهتنا هى تعدد قوانين الأحوال الشخصية من ١٩٢٠ حتى ٢٠١٠، والتعديلات التى أدخلت عليها، فطلبت من المستشار عمر مروان أن نصوغ قانونًا متكاملًا للأحوال الشخصية من الألف إلى الياء، ونلغى كل القوانين القديمة بالكامل، لأنها كانت تتضمن بعض الثغرات، وكانت تنص على الرجوع إلى المذهب الحنفى. 

والرجوع إلى المذهب الحنفى فى تلك المسائل صعب، لأنه من الصعب معرفة الرأى الراجح فيه، وحتى القاضى أحيانًا لا يستطيع الاستقرار على أى الآراء فى المذهب الحنفى هو الأنسب، ومحكمة النقض كانت لها قواعد ومبادئ فى القضايا التى طرحت عليها، ومنذ إلغاء الطعن بالنقض فى الأحوال الشخصية فى عام ٢٠٠٠ توقفت تلك المبادئ، إلا فى حالات بسيطة متبقية، فأصبحت جميع مبادئ النقض أمامنا، وكذلك يتم الطعن فى الأحكام أمام المحكمة الدستورية العليا، فتعدل مواد قانونية أو تلغيها، لذلك كان توجهنا نحو عمل قانون متكامل يخص الأحوال الشخصية، بداية من الخِطبة وأحكامها، والزواج والمهر وكيفية إتمام الزواج، ومبطلات الزواج، وكل ما يتعلق بالأحوال الشخصية من الألف إلى الياء، لتصبح جميع المواد أمام القاضى يطلع عليها كاملة.

■ ماذا عن الأحوال الشخصية للمسيحيين؟

بالتوازى مع عمل لجنتنا، كانت هناك لجنة أخرى تعمل على قانون الأحوال الشخصية للإخوة المسيحيين، وتمت الاستعانة بـ٦٠ مادة من المواد الخاصة بمشروعنا فى المواد غير المتعلقة بالديانة وأصل العقيدة، مثل الحضانة والنفقة ومسكن الزوجية، لأن المحكمة الدستورية أصدرت حكمًا بأنه لا بد أن يتساوى الطفل المصرى فى كل الحقوق، فلا يعقل أن تختلف سن الحضانة من الطفل المسلم للطفل المسيحى، فهو نفس الطفل.

أما قانون الخلع فهو موجود كما هو، لأن الخلع يحدث توازنًا بين الرجل والمرأة. والدين ساوى بين الرجل والمرأة. والخلاف الوحيد كان حول موافقة الزوج، فبعض المذاهب قال يجب موافقته، والبعض الآخر قال لم تتطلب ذلك، فتجاوزنا فكرة إلزام القاضى بالأخذ بالمذهب الحنفى، وأعطينا القاضى حرية الأخذ بما يراه مناسبًا للحالة.

■ ما طبيعة الخلاف حول الطلاق الشفهى؟ ولماذا يرفضه الأزهر؟

- واجهنا مشكلة كبيرة فى تلك المسألة، لأن الأزهر يرفض تمامًا عدم الأخذ بالطلاق الشفوى، على الرغم من أقوال بعض المشايخ فى البرامج بأن الطلاق الشفهى عبث، كيف يقوم رجل بتطليق زوجته فيما بينهما دون علم أحد؟ فمثلما تزوجها بوثيقة وشهود، فمن غير المنطقى أن يطلقها شفهيًا وتلك وجهة نظر.

أما وجهة نظر الأزهر فهى أن الطلاق الشفهى يقع، ولكن الزوجة هنا تواجه مشكلة إثباته، وقد تكون الطلقة الثالثة فتصبح محرمة عليه، فيقول الزوج لا والله لم أطلقها، أو أرجعتها أو غيره، فجميعها مسائل عقائدية بين الرجل والمرأة، وتعاملت اللجنة مع تلك المشكلة باقتراح أن يتم إلزام الزوج بتسجيل الطلاق خلال ١٥ يومًا من وقوعه، وإلا لا يُعتد به، وذلك من ناحية آثاره المالية. 

بمعنى أن تستمر الزوجة فى أخذ النفقة منه ما دام لم يوثق الطلاق، وإذا توفى ترثه أيضًا فى تركته، وإذا لم يتم توثيق الطلاق، توقع عليه عقوبة، سواء غرامة مالية أو جنائية، فلذلك لا بد من توثيق الطلاق، وإلا ستكون الزوجة ملزمة من الزوج بالإنفاق عليها. 

وسعينا للحد من ظاهرة الطلاق الشفهى، حيث تم التوافق مع الأزهر على إدراج فقرة تنص على إمكانية معاقبة الرجل جنائيًا فى حال عدم توثيقه الطلاق. 

ومع ذلك، لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائى بشأن الاعتراف بوقوع الطلاق الشفهى من عدمه حتى الآن، ويأتى هذا فى إطار جهودنا لمعالجة الثغرات القانونية التى تواجه الزوجة فى إثبات الزواج أو نفيه، بهدف تعزيز حقوقها وحمايتها. كما اقترحنا الأخذ بالشهادة فى الطلاق، ولكن لم تلقَ الفكرة قبولًا لدى الأزهر، مع أن الإشهاد على الطلاق موجود.

ويشير الإمام على بوضوح إلى ضرورة وجود الشهود كشرط لصحة الزواج، وهو الرأى الذى يتمسك به المذهب الشيعى. 

وبناءً على ذلك، يرى البعض أنه من المنطقى أن يكون وجود الشهود شرطًا أيضًا لصحة الطلاق، حيث إذا تم الزواج بحضور شاهدين، فإن الطلاق ينبغى أن يتم بنفس الآلية.

وقد طرحت مقترحات لتضمين هذا الشرط فى القانون كوسيلة لحل إشكاليات الطلاق الشفهى، إلا أن الأزهر رفض هذا الاقتراح. 

ويستند موقف الأزهر إلى أن الإشهاد على الزواج منصوص عليه بوضوح فى القرآن الكريم، فى حين أن الإشهاد على الطلاق موضع خلاف فقهى.

وعلى الرغم من وجود قراءة لبعض الآيات القرآنية التى تشير إلى الإشهاد على الطلاق، فإن الأزهر رأى أن المسألة فقهية بحتة، واختار رفض المقترح، باعتبار أن الإشهاد على الطلاق ليس من الشروط المقررة. 

وهذا التباين يعكس اختلاف وجهات النظر الفقهية حول المسألة، ويعكس مدى تعقيدها من الناحية التشريعية والدينية.

■ ماذا عن صندوق رعاية الأسرة؟

- تعمل لجنة مختصة على دراسة إنشاء صندوق لرعاية الأسرة، وهو امتداد لآلية قائمة بالفعل من خلال النفقات التى يسددها بنك ناصر بموجب الأحكام القضائية حاليًا، وتصل هذه النفقات إلى حد أقصى ٥٠٠ جنيه، لكن هناك تقارير عن وجود تلاعب فى الأمر، حيث أرسل بنك ناصر قائمة بمديونيات تصل إلى ملايين الجنيهات بسبب عجز فى استرداد المبالغ المدفوعة للزوجات، نظرًا لتهرب بعض الرجال أو عدم قدرتهم المالية على السداد.

واستجابة لهذه الأزمة، وجه الرئيس بإنشاء صندوق جديد لرعاية الأسرة، بحيث تسهم الدولة فيه لتغطية النفقات الأساسية مثل النفقة والتعليم، بهدف طمأنة الزوجة وضمان استقرارها المعيشى بعد الطلاق. والصندوق يعتمد على مساهمة مالية من الرجل والدولة، لكن حتى الآن لم يُحدَد مبلغ ثابت لتلك المساهمة قبل الزواج، وجدير بالذكر أن المقترح الأولى كان يقتصر على مبلغ رمزى قدره ألف جنيه فقط، وليس كما أُشيع عن أرقام مثل ٣٠ ألف جنيه.

وتواصل اللجنة عملها حاليًا لاستطلاع آراء الخبراء، بمن فى ذلك مسئولو بنك ناصر، لضمان وضع آلية عادلة وفعالة تحقق أهداف الصندوق دون إثقال كاهل أى طرف.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق