علي جمعة: أصحاب فكرة عدم وجود الله يدعون النسبية المطلقة

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الأربعاء 01/يناير/2025 - 11:17 م 1/1/2025 11:17:40 PM

د. على جمعة
د. على جمعة

قال الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية الأسبق وعضو لجنة هيئة كبار العلماء، إن أصحاب فكرة عدم وجود الله يدعون إلى النسبية المطلقة، فيقولون: ليس هناك ممدوح على الإطلاق، ولا مذموم على الإطلاق، وإنما هذه الأشياء ممدوحة عند من يراها ممدوحة، ومذمومة عند من يراها مذمومة، وينشأ سؤال آخر وهو: كيف نرى الكون؟ وتقتضي نظرتهم إلى الإجابة عنه بأنه كما تراه، فإذا كانت رؤيتك لهذا الكون أنه كئيب فهو كئيب بالنسبة لك، وإذا كان غيرك يراه سعيدًا فهو سعيد بالنسبة له، مما يجعلنا نتمثل قول ربنا تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } [الجاثية: 23]، فهو قد ألغى الله من اعتقاده وفكره، ووضع مكانه الهوى، وبهذا الشكل يُفقد المشترك في الكلام، وتنعدم فائدة الكلام تمامًا، ثم نشأت بعد ذلك التفكيكية والبنيوية، ثم ديانة الفوضى.

وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية، قائلا:  كنا نذهب للشيخ أو القسيس نُحَكِّمه فيما حدث حتى يحكم من الصواب ومن الخطأ، والآن إلى مَنْ نذهب لمعرفة الحق والباطل؟ قالوا: الآن تأخذ حقك بالقوة، فإذا كنت قويًّا فأنت على الصواب؛ لأنه ليس هناك معيار مطلق للحق والباطل، كلها معايير نسبية فما تراه أنت حقًّا لمصلحتك الشخصية أراه أنا باطلًا، وليس هناك ما يلزمني أن أعتقد ما تعتقده ولا ما يلزمك أن تعتقد ما أعتقده إلا القوة، هي التي تفرض على أرض الواقع من الحق ومن الباطل، إذن فالواقع هو المعيار والواقع يصنعه الأقوى، فهل هذا يعني أن العلاقة بين الرجل والمرأة ستكون على هذا المنوال، بمعنى أن الرجل سوف يفرض الواقع ويكون هذا هو الصواب لأنه أقوى جسديًّا؟ والمشكلة إذا تقوت المرأة وأصبحت أقوى من الرجل من الذي يحدد الصواب ويصنع الواقع؟ ففي الستينيات وجدنا المرأة تدخل المصارعة، وتلعب كمال الأجسام.

وأضاف: هذا ما أراده نتشه وقد انتهى نتشه سنة (1900م)، وترك لنا ما يمكن أن نسميه «النسبية المطلقة»، التي أصبحت سمة من سمات العصر، وانتشرت النسبية المطلقة بين رواد الفكر الأوربي واقتنعوا بها، ولكنها كانت محاطة بمخاوف كثيرة أهمها ضياع الاجتماع البشري؛ حيث سيبغي الناس بعضهم على بعض، ولن يكون هناك مسوّغ لإلزامهم بالكفِّ عن هذا الهرج والفوضى.

وأوضح: قالوا: لابد أن نجعل النسبية المطلقة فكرة قابلة للتنفيذ والتطبيق في حياة الناس، ونستطيع أن نقضي على هذه الفوضى بأن نضع معيارًا يتفق عليه الناس في الإقدام على الفعل أو تركه، في القتل والغصب أو تركهما، وانتهوا إلى أن هذه المعيار هو «المصلحة» وهي ما تسمى بـ «الدبلوماسية النفعية»، وقال كل من «جون ديوي» و«جيمس كوهن» وهما يعتبران كهنة العلمانية، حيث جعلا المقياس الجديد الذي يضبط النسبية المطلقة، وجعلا الإنجاز هو القيمة المقدمة على كل القيم باعتباره يحقق تلك المصلحة، فأصبح من سمات العصر «الإنجاز».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق