مرت السنوات ولم يفارق مخيلتي مشهد امرأة في عقدها الرابع تقبع على كرسي متحرك رأيتها في سوق تجاري، صرخت المرأة؛ التي يقف بجوارها أخوها، على خادمة تجلس تحت قدميها، وجرّت ظفيرة الخادمة التي صاحت من شدة الألم وسط ذهول الحاضرين، وجدت نفسي أقف أمامها وأطلب منها الرحمة بخادمتها، فما وجدت منها إلا رداً قاسياً جلفاً، فاضطررت لتهديدها بإحضار أمن السوق أو الاتصال بالشرطة، ليقفز أخوها ويسحب الخادمة من بين يديها، ثم يبرر لي أن أخته مصابة باكتئاب حاد عقب إجراء عملية تغيير مفصل ركبتها منعها من السير بقدميها منذ شهرين.. فرحلت عنهم وتركتهم.
الحسرة بمشاهدة ذلك الموقف بقيت في قلبي منذ تلك الأيام، أتحسر من تعامل بعضنا السيئ مع الخدم، فأين هؤلاء من قول أنس بن مالك -رضي الله عنه-: «خدمت رسول الله عشر سنين فما قال لي أُفٍّ قطُّ»؟، وحقيقة؛ لا أعلم أي خير وأي رحمة ستنزل على قلوب متحجرة قد أفرغت غضبها وآلامها على الضعفاء من البشر.
هذا المشهد أثار في نفسي عدة تساؤلات؛ أبرزها: ماذا لو عادت تلك الخادمة إلى ديارها، وأتى أحد قرابتها يود الدخول في الإسلام، بماذا ستجيبه؟ كيف ستخبره عن أيامها التي قضتها في ذلك البيت المسلم؟ حتماً ستقول له: «إذا لم يتبقَّ على وجه الأرض دين غير الإسلام، فلا تدخله».
لقد هاجر أجدادنا إلى جنوب شرق آسيا طلباً للرزق، واتصفوا بالصدق والأمانة، فاجتذبوا بأخلاقهم كل من تعامل معهم، فدخلت دول وشعوب في الإسلام.
0 تعليق