في العديد من الأحيان، يُقدَّم القدر باعتباره حتمية مطلقة لكل ما يحدث للإنسان، مما يجعل الفرد يبدو وكأنه مجرد متلقٍ للأحداث، دون أي دور فاعل في تغيير مسار حياته.
ينشأ هذا التصور الخاطئ منذ الطفولة، حيث يُعَلَّم الأفراد أن الأقدار ثابتة لا يمكن تغييرها، وأن الجهد الشخصي لن يؤثر في النتائج.
مع مرور الوقت، يتحول هذا الفهم إلى جزء من الوعي الجمعي والنسيج الثقافي للمجتمع، ليُستخدم كذريعة لتبرير القبول بالواقع، الظلم الاجتماعي، والظروف القاسية، دون النظر إلى صعوبتها وتأثيرها في تشكيل طبيعة الفرد.
على المستوى النفسي، يؤدي هذا الفهم المشوّه إلى حالة تُعرف بالعجز المكتسب، وهي شعور بالاستسلام ناتج عن تكرار تجارب يشعر فيها الفرد بعدم القدرة على التحكم في مصيره.
وعندما يصبح هذا العجز جزءاً من الوعي الجمعي، فإنه يُعزِّز حالة الخضوع للأوضاع السائدة، مما يُقَيِّد من قدرة الأفراد على اتخاذ المبادرة والخوف من التغيير.
العوامل الاجتماعية تزيد من ترسيخ هذا الواقع.. ففي بيئة تفتقر إلى الفرص، حيث يكون الحراك الاجتماعي محدوداً أو شبه معدوم، يتعلم الأفراد أن الجهد غالباً ما يكون بلا جدوى.. هذا يعمق من شعور العجز الجماعي ويُبرر القبول بالأوضاع الصعبة باعتبارها قدَراً لا مفر منه.
كما تُسهم الضغوط الثقافية في تثبيت هذا الفكر، حيث تحث الأفراد على الالتزام بالتقاليد والأعراف السائدة، حتى إن كانت تعيق التطور والنمو، مما يحد من قدرتهم على اتخاذ قرارات مستقلة، ويعزز الخوف من مواجهة الواقع.
ويضاف إلى ذلك عوامل أخرى مثل النظام التعليمي الذي يركز على التلقين والحفظ بدلاً من تعزيز التفكير النقدي والإبداعي، وكذلك الأطر الاقتصادية والقانونية التي تحد من الفرص المتاحة وتقيد الإمكانيات الفردية.
في مثل هذه البيئة، يصبح الحديث عن القدر وسيلة لتثبيط المحاولات الإصلاحية والمبادرات الفردية، مما يكرس حالة الجمود الاجتماعي والثقافي. لكن فهماً أعمق لمفهوم القدر يمكن أن يُحدث تغييراً جذرياً. فالقدر في جوهره لا يتناقض مع السعي والعمل، بل هو مزيج بين الإيمان بإله يحكم الكون، ومسؤولية الإنسان في اتخاذ قراراته والسعي لتحقيق أهدافه.
هذا الفهم المتوازن يُحرِّر الأفراد من شعور العجز ويعزز الإيمان بأن الجهد البشري جزء أساسي من أي تغيير. وتوفير فرص عادلة يُثبِت للأفراد أن جهودهم ليست عبثية.
من الضروري بناء ثقافة تشجع على العمل والاجتهاد، بدلاً من ثقافة الاستسلام.
العجز المكتسب
يخيف البعض من التغيير
أو اتخاذ مبادرة
الضغوط الثقافية
تحث على الالتزام بالأعراف
وتعيق التطور
النظام التعليمي
يركز على التلقين بدلاً من تعزيز
التفكير الإبداعي
العوامل الاجتماعية
تزيد من ترسيخ عدم القدرة
على تغيير الواقع
أقدار الحياة بين
الثبات والتغيير:
0 تعليق