شفافيات
من أكثر المواقف طرافة التي صادفتني، وأنا أقدم الماجستير في جمهورية مصر العربية أواخر سبعينات القرن الماضي؛ أنني كنت اقود سيارتي الـ"فيات" الجبارة، وهي ايطالية الصنع، واخت الـ"مرسيدس" في القيادة والراحة الداخلية والمرونة والتحمل.
إذ كنت أقودها يوماً على طريق صلاح سالم الواسع الذي لا زحمة فيه، متجها نحو القاهرة؛ وفي أثناء ذلك مرت من أمامي قطة مجنونة حمقاء، تريد عبور الشارع غير مقدرة سرعتها وسرعة السيارات، ومسافة العبور، فانحرفتُ عنها بسرعة حتى لا ادوسها رحمة بها؛ فلحقتني سيدة تقود سيارتها ورائي، وفتحت نافذت السيارة بصعوبة؛ واقتربت مني، وقالت بصوت فيه زعيق قوي: "يارقيق"، ومازالت زوجتي تذكرني بها في المناسبات، حين لا أكون رقيقاً، أو حتى حين اكون"رئيئاً" باللهجة المصرية.
يعني أن تلك السيدة التي كلفت نفسها كل هذه الحركة بسيارتها، كانت تسخر مني لاني في نظرها غامرت بهذا الانعطاف في السيارة، حتى لا ادوس البسة، القطة، الهرة؛ وربما كانت تتوقع مني، ومن غيري أن يدوسها ولا يغامر هذه المغامرة في السيارة ليحمي القطة من الدعس ومن الدهس.
وبالمناسبة اقول للوزيرة الغربية، التي زارت دمشق هذه الايام، لتطلب من أحمد الشرع، الرئيس السوري الموقت؛ مشاركة الاقليات السورية في اتخاذ القرار السياسي، والمشاركة في ادارة البلاد: يا "رئيئة " يا بنت الحضارة "الرئيئة" وبالمصري: "بقى ياست الكل: انت كنت فين والحب فين ايام سحق العايلة الحاكمة الملعونة للاغلبية، اكثر من نصف قرن من الزمان؟
كنت فين وعايلة المجرم تهدم سورية فوق رؤوس اطفال المسلمين، ونسائهم وشيبهم وشبابهم، وتتباهى العصابة المجرمة امام سمعكم وابصاركم بالفتك بالبشر، وبذبح الاطفال السنة بالسكاكين امام اسرهم؟ كنت فين يا رقيقة، وكل التشريد، وكل السجون، وكل الابادة للاغلبية المسلمة في سورية؛ وليس هناك قتيل ولا معذب ولا سجين بسبب المعتقد غير هؤلاء الاغلبية؟
يا ايتها الوزيرة "الرئيئة": إنت فين والحب فين؟ ظالمته ليه دايما معاك؟ ده انتِ لو حبيتي يومين كان هواك خلاك ملاك. يا رقيقة: ليه بتتجني كده، كده على الحب ليه؟ انت عارفة أبله معنى الحب ايه؟ حب ايه؛ حب ايه اللي انتِ جاية تقولي عليه".
كاتب كويتي
0 تعليق