حوارات
تَوفَّى الله عزّ وجلّ والدتي ليلة عيد الفطر في عام 1977، وكانت في أحسن فترة من العمر، وكنت، آنذاك، أبلغ من العمر ثمانية أعوام.
وتوفيّت قبلها بسبعة أشهر أختي الوحيدة والغالية، وبعدما تجاوز النصف قرن من العمر، لا أزال أشعر بشدّة ذلك الفقد المبكّر والمضاعف، خصوصا، فَقْدُ الأم نقص لا يُعوّض، ولا يمكن استبدالها بشيء، أو بشخص آخر.
ومن نتائج فقد الأم في سنّ مبكّرة، نذكر ما يلي:
- فقد الأم واليُتْم الذي لا ينتهي: ييتم الانسان بفقد أمّه قبل سنّ البلوغ، لكن يبقى هذا الفراق المفاجىء طول العمر جرحاً نفسياً لا يندمل، مهما حاول الفرد نسيانه.
فحتى لو غادرت الأمّ ببدنها، يبقى ظلّها وأثرها في القلب لا يزيلها أي شاغل من شواغل الحياة.
ومن شعر باليُتم في الصِّغر، سيشعر به طوال الوقت، لا سيما بعد تقدّم العمر.
- ذِكْرَيات الأمّ محفورة بالقلب: تُحفرُ ذكريات الأمّ المفقودة في القلب المكلوم، ويراها ويسمعها من فقدها في كل وقت ومكان، فلقد كانت تجلس في هذا المكان، وقالت تلك الكلمات، وتبسّمت هنا وضحكت هناك، وعملت هذا أو ذلك الشيء.
ورائحتها العطرة لاصقة بهذه الزاوية من المنزل، وغرّد لسانها الشّهد بهذه أو بتلك الاغنية، وكلما طال شريط الذكريات اِلتمعت صورة الأمّ في قلب ابنها أو ابنتها.
- الحرمان من بِرّ الأم: يُحرم المرء الذي فقد أمّه في طفولته من الإحسان إليها، وفق ما تستحقّ، ومن طاعتها والبرّ بها، ومن فرص الإيفاء، ولو بقليل ممّا تستحقه من حبّ ومودّة وحنان، فلسان حاله يقول: "يا ليت أمّي أمامي فأقبِّل رأسها ويديها وأقدامها، ويا ليتها كانت أمامي فأنثر على رأسها كل ذرّة محبّة توجد في قلبي، ويا ليتها لا تزال معي، فأمتّعها بالحياة التي حرمت منها".
- تَذَكُّر الأم قبل الوفاة: يُذكَرُ عن بعض من شهدوا وفاة بعض الأفراد، تذكّرهم لأمّهاتهم قبل وفاتهم، وهو سلوك متوقّع، فبعض لهفات الرّمق الأخير، لا بد أن تتجلى في أعزّ ما يتذكّره المرء في حياته!
كاتب كويتي
@DrAljenfawi
0 تعليق