في وداع العام 2024، ظهرت شيطنة دينية مع المباريات الرياضية التي استضافتها الكويت ضمن "خليجي 26"، في أكثر من تسجيل وتغريدة لمن نصبوا أنفسهم أوصياء، على الدين والمجتمع، بشأن حضور النساء في المدرجات الرياضية لأنها "مخالفات شرعية"!
الرأي المتشدد، الذي قام على قراءة دينية غير رصينة، وتحليل عقلاني ومنطقي لكل الجوانب الشرعية والاجتماعية، حظر تواجد النساء "المكثف" في المدرجات الرياضية لأن فيه "مخالفات شرعية"!
رؤوس منزوعة العقل تتحكم في الناس، وتبث السموم في المجتمع، الذي جبل على التسامح، منذ نهضة فكرية مبكرة جداً، واستنارة موثقة، ثقافياً وتاريخياً، قبل ميلاد تلك الرؤوس التي تنازلت عن المنطق، والعقل، وقيم التسامح، كما عرفناها، وليس كما وعى عليها هؤلاء المتخلفون!
وزع متخلفون اجتماعياً، ومتشددون دينياً "مخالفات شرعية" على حضور النساء المباريات الرياضية، والحفلات الغنائية، وتجاوز العادات، من دون تكليف من جهة رسمية في الإفتاء نيابة عن الدولة!
نساء الكويت شاركن في المظاهرات السياسية، وأيضاً، نساء الكويت شاركن في الانتخابات النيابية، ورجّحن كفة التيار الديني، بشقيه السني والشيعي، وجماعة السلف، والإخوان المسلمين.
في حين يضع أحدهم شرطاً على قرار النساء، ومظهرهن، وسلوكياتهن، واختياراتهن!
الإفتاء لها جهة متخصصة في الدولة، لكن وزارة للأوقاف والشؤون الإسلامية ذات أذرع طويلة، وعضلات مالية قوية، وصوت ودور انتقائي، فهي ترتعد من أصوات الإفتاء حتى لو كانت عشوائية، وفي غير محلها، ولا مبرر موضوعيا لها!
في الكويت لدينا وزيرات وقيادات تنفيذية، متبرجات، وسافرات، ومحجبات، ومنقّبات، وشاعرات، وفنانات، وأكاديميات، وإعلاميات؛ فما جدوى الفتوى عن الاختلاط في العمل، والأندية، والمعارض، والأمسيات الثقافية، والندوات العلمية، والمؤتمرات داخل الكويت وخارجها؟
هل يفترض أن تصطحب المرأة محرماً معها في الاجتماعات، والمؤتمرات، وغيرهما من أنشطة ولقاءات عامة، داخل الكويت وخارجها، وحمل رسالة أو فتوى خطية تأذن لها في الخروج سافرة أو محجبة؟
لدينا في الكويت الكثير ما يروى من الشعر عن المرأة، والأخ العزيز الشاعر، والكاتب طلال السعيد، له قصيدة رائعة كتبها في الزمن الجميل تقول:
"يا بنت روحي بطريقك وأنا أروح
وكل عسى الله يسعده في طريقه
يا بنت مالي فيك غاية ومصلوح
أقولها يوم اكتشفت الحقيقة
راح الزمان اللي لكي القلب مفتوح
وارتاح قلبي من عذابٍ يعيقه
بَصْبر على نفسي ولو عشت مجروح
وأنساك وأتحدى الجروح العميقة
وأدوس قلبي لين يصير على النّوح
وأحاول أدله ما حمل منك ضيقة
أهون عليَّ أعيش جسمٍ بلا روح
ولا خضوعي في يدينك دقيقه"
ما الفتوى في الشعر الغزلي؟
قصيدة "أبو بندر" كتبها قبل ولادة الأوصياء الجدد على الدين والمجتمع، وتلخص مشاعر إنسانية ليست منزوعة الوجدان، ولا العقل، كما يفعل الغير!
أما آن الأوان لنزع فتيل الفتاوى والبدع؟
أما آن الأوان لوأد الفتن الدينية والاجتماعية؟
اعلم أن الإجابة لن تأتي من متبصر في الدين والشريعة، ومتعقل في السلوك والتعبير، ولا من وزارة "الأوقاف"، فالوزارة تتحسس من الرد، والتعليق، وتفضّل الصمت، وإدارة المساجد، والبذخ على ما يسمى مركز "الوسطية"!
0 تعليق