قُلت ومازلت أقول إن زيادة تدفقات النقد الأجنبى القادم إلى مصر ضرورة قصوى لمواجهة تحديات زيادة الطلب عليه لتغطية فاتورة الواردات، والالتزام بسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية.
ومادمنا قد تناولنا فى أكثر من مقال قضية التنمية السياحية، كأحد الروافد الأساسية للحصول على العملة الصعبة، فإن قضية الصادرات تُشكل رافدا آخر مهما لزيادة تدفقات النقد الأجنبى. وهنا فإن فكرة تصدير العقارات من الأفكار المستحدثة الهامة فى هذا الشأن، وهى تعنى بيع العقارات المقامة فى مشروعات حديثة داخل مصر إلى عملاء أجانب بشرط قيامهم بسداد قيمة العقارات بالعملة الأجنبية.
وهذه الفكرة من الأفكار الرائدة المطبقة فى بعض الدول الشبيهة بمصر مثل اليونان، بهدف جذب رؤوس الأموال الأجنبية، خاصة أن الدراسات الدولية الحديثة تشير إلى أن 68 % من أصحاب رؤوس الأموال يحتفظون بأموالهم فى أصول عقارية.
وإذا كانت الحكومة قد أبدت ارتياحا وتشجيعا للفكرة خلال الشهور الأخيرة، خاصة بعد موافقة مجلس الوزراء فى منتصف 2023 على إجراء تعديل تشريعى للمادة الثانية من القانون رقم 230 لسنة 1996 الخاص بتملك غير المصريين للعقارات المبنية والأرض الفضاء، فسمحت لهم بالتملك دون حدود بشرط أن يكون سداد قيمة العقارات بالعملة الصعبة، إلا أن الفكرة لم يتم تفعيلها بعد على أرض الواقع. ذلك لأن تصدير العقارات فى الأساس هو تعامل مباشر مع الأجانب، وذلك التعامل يحتاج إلى آليات لتيسيره وتوسيع مداه، بما يحقق ما هو مستهدف.
إن علينا أن نفكر فى الأمر بموضوعية لنشير إلى أن تصدير العقارات يحتاج بشكل أولى إلى قواعد واضحة وشفافة تخص دخول وخروج الأجانب وحصولهم على التأشيرات، وتصاريح الإقامة، فكل هذا يحتاج لترتيب وتنظيم وبحث.
وبشكل آخر، فإنه يجب أن نغير ثقافتنا فيما يخص تجهيز الوحدات فى المشروعات العقارية الجديدة، لأن المستهلك فى دول أوروبا وغيرها من الدول لا يشترى وحدات نصف تشطيب، وإنما كاملة التشطيب. وهنا فإنه من الضرورى للشركات العاملة فى مجال التطوير العقاري الالتفات لمتطلبات واحتياجات عملائها.
كذلك فإن على الشركات العاملة فى هذا القطاع طرح نظم سداد واضحة وسهلة ومتوافقة مع المعمول به فى مختلف دول العالم مثل ما يتعلق بتشطيب وصيانة هذه الوحدات.
هناك أيضا ضرورة ماسة لمتابعة وترتيب ما يخص المشروعات العقارية الممكن تصديرها للأجانب، فيراعى منذ البداية وضع خريطة استثمارية تقوم على التوزيع الجغرافى للعقارات خاصة أن هناك مَن يفضلون السكن على ساحل البحر المتوسط، وهناك آخرون يفضلون ساحل البحر الأحمر، وهناك مَن يفضلون العيش فى القاهرة، خلال زياراتهم لمصر.
إن هناك فرصة جيدة فى تصدير العقارات ينبغى اقتناصها، فمصر دولة محورية تتمتع باستقرار سياسى وأمني، ولديها تنوع سياحي، وهناك مشروعات واعدة حققت نجاحات عظيمة فى السنوات الأخيرة.
وسلامٌ على الأمة المصرية
0 تعليق