أكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن العقوبات التي فرضتها الخزانة الأمريكية على قائد مليشيا الدعم السريع السودانية، محمد حمدان دقلو " حميدتي"، لاستخدامه القتل المنهجي والعنف الجنسي، تمثل انحراف حاد عن السياسة الأمريكية التي اعتادت عدم اتخاذ أي إجراء صريح ضد الدعم السريع بالرغم من جرائمه الممنهجة في السودان.
وكان وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، أعلن الثلاثاء في معرض إعلانه عن العقوبات، أن مليشيا الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها قتلت "بشكل منهجي الرجال والفتيان - حتى الرضع - على أساس عرقي، واستهدفت عمدًا النساء والفتيات من مجموعات عرقية معينة بالاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي الوحشي".
وقال بلينكن "إن نفس هذه الميليشيات استهدفت المدنيين الفارين من القتال وقتلت الأبرياء ومنعت المدنيين المتبقين من الوصول إلى الإمدادات المنقذة للحياة"، وخلص إلى أن "أعضاء الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ارتكبوا إبادة جماعية في السودان".
تفاصيل العقوبات الأمريكية على الدعم السريع
وذكرت واشنطن بوست، في تقريرها، أن الحرب بين الدعم السريع والجيش السوداني أدت إلى إغراق أجزاء من الدولة التي يبلغ عدد سكانها 50 مليون نسمة في مجاعة واسعة النطاق، وخلقت أكبر أزمة لاجئين في العالم واجتذبت مقاتلين من الدول المجاورة، منوهة بإن عدد القتلى غير معروف، حيث أجزاء كبيرة من البلاد ليس لديها شبكة إنترنت أو هاتف، لكن المسؤولين الأمريكيين قدروا العام الماضي أن حوالي 150 ألف شخص قتلوا.
وأشارت الصحيفة إلى أن تصنيف الإبادة الجماعية والإعلان عن العقوبات من شأنه أن يشوه الصورة الدولية لحميدتي والتي تضررت بالفعل بسبب التقارير الموثقة التي كشفت أن الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها انخرطت في موجة من عمليات الاغتصاب الجماعي والنهب والتطهير العرقي والاختطاف والاستعباد وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وأضافت أن قادة المليشيا ينشرون بشكل متكرر مقاطع فيديو يتفاخرون فيها بمغامراتهم أو يظهرونهم وهم يسيئون معاملة القرويين.
وأشارت إلى أن الحكومة الأمريكية أعلنت عن تصنيف جرائم إبادة جماعية ست مرات فقط من قبل، منذ نهاية الحرب الباردة، وفقًا لمجلس الأمن القومي: في البوسنة عام 1993، ورواندا عام 1994، والعراق عام 1995، ومنطقة دارفور بالسودان عام 2004، والمناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش في عامي 2016 و2017، وفي ميانمار عام 2022.
ويُعد إعلانا الثلاثاء أقوى الخطوات التي اتخذتها الحكومة الأمريكية حتى الآن منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان في أبريل 2023.
هجمات الدعم السريع على الجنينة كانت “بمثابة نقطة تحول” في الصراع
وحول أسبات العقوبات، أشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن هجمات الدعم السريع على الجنينة من أبريل إلى نوفمبر 2023، كانت "بمثابة نقطة تحول في الصراع"، مبينة أن الأمم المتحدة قالت إن ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص قُتلوا في المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 540 ألف نسمة.
وقال العشرات من الشهود إن المدنيين استُهدفوا بسبب عرقهم: إذ وردت تقارير عن إطلاق النار على الأطفال على ظهور أمهاتهم أثناء فرارهم أو إلقائهم في النهر، كما تعرض الأسرى للتعذيب والقتل.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في ظل هذه الجرائم حاول حميدتي تصوير نفسه على أنه رجل دولة محتمل في المستقبل وأنه بطل للديمقراطية ضد المؤسسة العسكرية ومدافع عن حقوق الإنسان.
وكشف تحليل للجرائم التي وقعت في السودان الشهر الماضي من قبل منظمة غير ربحية بريطانية تسمى ACLED (بيانات موقع وأحداث الصراع المسلح)، أن مليشيا الدعم السريع كانت مسؤولة عن 77 في المائة من الحوادث التي سجلتها العام الماضي والتي استهدفت المدنيين.
وقال قرويون: "إن أزمة الجوع المتفاقمة في السودان - أكثر من 30 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة - تتفاقم بسبب الغارات المتكررة لمليشيا الدعم السريع على المحاصيل وقتل وتشريد المزارعين والتدمير المتعمد للمعدات الزراعية مثل أنابيب الري والمضخات وخزانات المياه".
وأضاف مدنيون سودانيون آخرون: "إن مقاتلي الدعم السريع يتقدمون في ولاية النيل الأبيض ويقتلون ويحتجزون السكان وينهبون الحبوب".
بينما قال ناشط حقوق الإنسان عصام الرشيد: "إن الدعم السريع قتلت 40 مزارعًا الشهر الماضي في قرية تابون في النيل الأبيض وهاجمت منطقة زراعية أخرى بالقرب من حدود جنوب السودان يوم الاثنين".
وبشأن توقيت العقوبات التي تأتي بآخر أيام إدارة بايدن المنتهية ولايتها، أكدت الصحيفة الأمريكية، أن حميدتي يرأس إمبراطورية عائلية مترامية الأطراف تقدر قيمتها بمليارات الدولارات وتشمل الذهب والأسلحة والممتلكات والشركات القابضة خارج البلادـ وقد استهدف إعلان العقوبات يوم الثلاثاء سبع شركات تسيطر عليها الدعم السريع.
0 تعليق