في تطور مفاجئ على الساحة السياسية اللبنانية، أعلن رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية، انسحابه من سباق الانتخابات الرئاسية في خطوة تأتي بعد أشهر من الجمود السياسي والتجاذبات الحادة بين القوى المختلفة بشأن هوية الرئيس المقبل للبلاد.
ويأتي قرار فرنجية وسط تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية لإيجاد حل للأزمة الرئاسية التي تعطل المؤسسات اللبنانية منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر 2022.
خلفيات الانسحاب
أوضح فرنجية في بيان صحفي أن قراره جاء نتيجة استشعاره ضرورة كسر حالة المراوحة التي تسيطر على المشهد السياسي اللبناني، والتي تنعكس سلبًا على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
وقال إن انسحابه يهدف إلى فتح الباب أمام توافق أوسع بين مختلف الأطراف السياسية على مرشح يحظى بإجماع وطني ويستطيع قيادة البلاد في هذه المرحلة الصعبة.
وأشار إلى أن ترشحه كان مدفوعًا بإرادة وطنية لتقديم رؤية إنقاذية، لكنه شدد على أن التمسك بالمصلحة الوطنية يتطلب أحيانًا التراجع عن التنافس لصالح التفاهم:"لن أكون عقبة أمام الحل، وسأدعم أي مبادرة تضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار".
انعكاسات القرار على المشهد السياسي
قرار انسحاب فرنجية يُعد تحولًا جوهريًا في معادلة الانتخابات الرئاسية، حيث كان يُعتبر أحد أبرز المرشحين المدعومين من فريق الثامن من آذار وحليفًا مقربًا من "حزب الله" والنظام السوري. ورغم الدعم الذي حظي به، إلا أن معارضة القوى السيادية والمستقلة حالت دون تمكنه من تأمين الأغلبية اللازمة للفوز في البرلمان.
ويفتح انسحاب فرنجية الباب أمام إعادة خلط الأوراق السياسية وإمكانية بروز أسماء جديدة يمكن أن تحظى بدعم مختلف الكتل النيابية. ويُتوقع أن تتزايد الاتصالات والمشاورات بين القوى السياسية في الفترة المقبلة، في محاولة للتوصل إلى مرشح توافقي قادر على اجتياز عقبة الانقسامات الطائفية والسياسية.
ولاقى قرار فرنجية ترحيبًا من بعض القوى السياسية التي اعتبرته خطوة إيجابية تسهم في إزالة العقبات أمام التسوية السياسية. وأشاد عدد من السياسيين بموقفه، معتبرين أنه يعكس روح المسؤولية الوطنية، ومن جهتها، دعت الكتل المعارضة إلى الاستفادة من هذه الفرصة لدفع الحوار نحو حلول عملية بعيدًا عن الاصطفافات الحادة.
في المقابل، أثار القرار تساؤلات حول هوية المرشح البديل الذي سيحظى بدعم "حزب الله" وحلفائه في المرحلة المقبلة، خاصة مع استمرار الخلافات حول المعايير المطلوبة للرئيس المقبل، سواء على صعيد المواقف السياسية أو الشخصية.
الأزمة الرئاسية والتحديات المقبلة
ويمر لبنان بأزمة سياسية خانقة، حيث فشل البرلمان في انتخاب رئيس خلال جلسات متتالية بسبب الانقسامات بين الكتل، وفي ظل الشغور الرئاسي، تزداد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تدهورًا مع تفاقم الأزمة المالية وانهيار العملة المحلية.
وبينما يرى مراقبون أن قرار انسحاب فرنجية قد يكون مفتاحًا للتسوية، يبقى التساؤل مفتوحًا حول ما إذا كانت القوى السياسية ستتمكن من تجاوز خلافاتها واختيار رئيس جديد يعيد بعض الاستقرار إلى لبنان، أم أن الانقسام سيستمر ليطيل أمد الفراغ الرئاسي في بلد يعاني من أزمات متداخلة.
0 تعليق