فاروق سلامة: الغناء بخير ما دام الناس تستمع لأم كلثوم
«بليغ» أول من قدّمنى لها فى «سيرة الحب»
الحزن على زمن ذهبىّ مر دون عودة، كان عازف الأكورديون الشهير فاروق سلامة واحداً من الذين ساهموا فى صناعته ورفع رايته عبر الزمان والمكان. يقول «سلامة» فى الذكرى الخمسين لرحيل سيدة الغناء العربى وكوكب الشرق أم كلثوم، إنها لا تعوضنى ولم يغن أحد أغنياتها مثلما غنت ولا أن يرتفع إلى قامتها العالية.
يتذكر «سلامة» أول لقاء جمعه بأم كلثوم عبر الموسيقار بليغ حمدى الذى أقنع أم كلثوم بأن يشارك «سلامة» مع فرقتها فى أغنية «سيرة الحب» وحضر «سلامة» فى «البروفة» ومعها أعضاء الفرقة الذين كانوا يتخوفون من مشاركة آلة «الأكورديون» معهم، وقد قالت أم كلثوم إن «الأكورديون» آلة غربية، فقال لها بليغ: فاروق سلامة وضع فى «الأكورديون» درجة السيكا التى تميز المقامات الشرقية كالرصد والبياتى والصبا، فسمعت أم كلثوم تقاسيم فاروق سلامة على «الأكورديون» وقد تجول فى هذه المقامات أثناء تقاسيمه.
ورغم أن مشاركة فاروق سلامة أول ما كانت مع الموسيقار محمد عبدالوهاب فى أغنية «هان الود» إلا أن «سيرة الحب» هى أول لقاء جمعه بأم كلثوم، ثم شارك بعد ذلك فى أغنية «أمل حياتى» ثم «ألف ليلة وليلة» و«فكرونى» و«أغدا ألقاك» و«هذه ليلتى» حتى آخر أغنياتها «يا مسهرنى» و«حكم علينا الهوى» وفى آخر لقاء بأم كلثوم يقول: قالت لى سمعت أنك بتلحن يا فاروق، أسمعنا من ألحانك، لكن القدر أخذها مخلفا حزنا عليها لا ينتهى، خاصة فى زمن عزّ فيه الغناء الجميل إلا فى حالات نادرة للغاية، وعن سبب تألق «الست» حتى آخر أغانيها وأيامها يقول «سلامة»: لقد تفانت فى فنها، واقتربت من كل فن غنائى واستطاعت أن تأخذ من كل شاعر وملحن أجمل ما لديه، واستطاعت أن تكون دولة غنائية وسلطة لا يمسها أحد، وأصبحت بوقوف الشعب ونخب المجتمع والمسئولين ووسائل الإعلان بجوارها رمزا غنائيا يعبر عن كل مصرى وعربى، وأصبحت المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج تنتظرها وتحسب الأيام والساعات للاستماع إلى حفلتها.
وعن تساؤل: هل لمثل أعمال وتجربة أم كلثوم أن تستمر عبر أصوات جديدة وأعمال لآخرين؟ يجيب «سلامة»: بالإمكان لا شك تقديم أعمال جديدة ترقى لمشروع أم كلثوم وربما تكون أفضل لكن المناخ للأسف لا يسمح، ولو ولد عمل فنى يرقى إلى ما كان الفن عليه فى الماضى لا يجد داعما ويشعر صاحبه بالاغتراب.
لكن الأمل لابد أن يكون ملاذا وحبلا يتعلق به كل مبدع وكل باحث عن الفن الجميل، حتى يلتقى الاثنان المبدع الحق والمستمع الذى ينشد الجمال فيما يسمع، أما فى زمن العشوائيات والفوضى فهيهات أن تجد فنا جميلا إلا بالكاد.
وعن مستقبل الأغنية فى اليوبيل الذهبى لأم كلثوم يقول سلامة: ما دام الناس يستمعون لأم كلثوم ولهذا الزمن فأبشر بفن جميل حتى وإن طال انتظاره، وإن ظهر ولم ينتشر فأبشر بانتشاره ولو بعد حين.
0 تعليق