السيد الرئيس القادم بدأ يلوح بالعصى الغليظة في اتجاهات مختلفة، الوعيد طال دولاً عديدة، لكن أكثر تصريحاته غرائبية ما أطلقه قبل يومين دون أي تردد أو تحفظ من رغبته بضم غرينلاند «التي أرسل ابنه في زيارة استكشافية لها» وقناة بنما، ليس ذلك فحسب ولكن أيضاً ضم كندا لتكون الولاية رقم 51، مشيداً بفوائد هذا الضم للبلدين.
لقد توقعنا أن يكتفي الرئيس المنتخب بتهديداته الاقتصادية للصين والمكسيك وكندا بفرض ضرائب ورسوم جمركية عالية، لكنه يبدو أن أجواء مارا لاغو الحالمة جعلته يتمادى في الأحلام لتصل إلى ضم دولة كبيرة مجاورة عضو في الأمم المتحدة، مساحتها قرابة 10 ملايين كيلومتر مربع وعدد سكانها يزيد على 41 مليوناً. ما علينا من ذلك الذي لن يحدث بالنسبة لكندا، وما علينا من الجبهات الأخرى التي سيخوضها، يهمنا تهديده بتحويل الشرق الأوسط إلى جحيم إذا لم يعد الرهائن المحتجزون لدى حماس قبل دخوله البيت الأبيض.
لا ندري أي جحيم في مخيلة السيد ترمب أكثر وأسوأ من الجحيم الذي حدث في غزة ولبنان والضفة وسورية وما زال مستمراً، وإذا ما أضفنا إلى ذلك ما يحدث في اليمن والعراق والسودان وليبيا فإن الشرق الأوسط كله في جحيم حقيقي لا يمكن تصور ما هو أسوأ منه. لقد قال ترمب سابقاً إنه سوف ينهي الحروب المندلعة لكنه الآن يعد بالجحيم لأن إسرائيل هي محور المعادلة دون النظر إلى الجحيم الذي ألحقته بقطاع غزة الذي تم محو كل شيء فيه وأصبح غير قابل للحياة. حكومة نتنياهو تعرقل الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين في غزة، وتتمدد في الضفة الغربية وتقضم المزيد من الأراضي السورية خلافاً لاتفاق فك الاشتباك، وتتمادى في استخدام القوة في أجزاء من المنطقة بجرأة كبيرة، وبالتالي فهي الطرف الذي يجب لجمه وإجباره على التوقف عن هذه السياسة ليتسنى الوصول إلى اتفاق معقول لوقف الحرب وعودة الرهائن، كما يجب أن يستوعب الرئيس ترمب أن إسرائيل بهذا التوسع وخلط الأوراق تتطلع فيما تتطلع إلى تعقيد إمكانية تنفيذه لرغبته في إطفاء الحروب والنزاعات إذا كان جاداً في ذلك.
هناك فرصة للرئيس ترمب للمساهمة في إطفاء الجحيم الراهن يمكنه تحقيقها إذا فكر بموضوعية وبشكل محايد وليس وفق السردية الإسرائيلية، وأما بخلاف ذلك فإن الأمور لن تمضي إلا للأسوأ.
0 تعليق